ولو أكل هر ونحوه من الحيوانات الطاهرات كالنمس، والفأرة، والقنفذ أو طفل نجاسة ثم شرب من مائع لم يضر.
ولا يكره سؤر حيوان طاهر وهو فضلة طعامه وشرابه .. ]ـ
[مسألة - المسكر المائع نجس.]
كالخمر ونحوه مما فيه شدة مطربة، لقوله تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} قال الشنقيطي في "أضواء البيان"(١/ ٤٢٦): (يفهم من هذه الآية الكريمة أن الخمر نجسة العين؛ لأن الله تعالى قال إنها: (رِجْسٌ)، والرجس في كلام العرب كل مستقذر تعافه النفس.
وقيل: إن أصله من الركس، وهو العذرة والنتن. قال بعض العلماء: ويدل لهذا مفهوم المخالفة في قوله تعالى في شراب أهل الجنة: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}[الإنسان: ٢١]؛ لأن وصفه لشراب أهل الجنة بأنه طهور يفهم منه أن خمر الدنيا ليست كذلك، ومما يؤيد هذا أن كل الأوصاف التي مدح بها تعالى خمر الآخرة منفية عن خمر الدنيا، كقوله:{لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ}[الصافات: ٤٧]، وكقوله:{لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ}[الواقعة: ١٩]، بخلاف خمر الدنيا ففيها غول يغتال العقول وأهلها يصدعون، أي يصيبهم الصداع الذي هو وجع الرأس بسببها، وقوله:{وَلَا يُنْزِفُونَ}، على قراءة فتح الزاي مبنيا للمفعول، فمعناه:
أنهم لا يسكرون ... وعلى قراءة ينزفون بكسر الزاي مبنيا للفاعل، ففيه وجهان من التفسير للعلماء:
أحدهما: أنه من أنزف القوم إذا حان منهم النزف وهو السكر، وهذا القول معناه راجع إلى الأول.
والثاني: أنه من أنزف القوم إذا فنيت خمورهم.
وجماهير العلماء على أن الخمر نجسة العين لما ذكرنا، وخالف في ذلك ربيعة، والليث، والمزني صاحب الشافعي، وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين، كما