أنجستم صاحبكم، يكفي منه الوضوء " وعطاء هو ابن أبي رباح ورواية ابن جريج عنه محمولة على الإتصال، فالإسناد صحيح إلا أنه لا يدل على الوجوب وغايته الاستحباب بدليل ما سبق نقله عن ابن عباس من تجويز الإقتصار على غسل اليد.
وأما ما رواه عبد الرزاق في "المصنف"عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال:«إذا غسلت الميت فأصابك منه أذى فاغتسل، وإلا إنما يكفيك الوضوء» وإسناده ضعيف لضعف عبدالله بن عمر العمري.
وعليه فالراجح هو إستحباب الوضوء من غسل الميت إلا أن يمس عورته بشهوة بلا حائل فيجب عليه الوضوء، ووما يؤكد ذلك ما قاله ابن المنذر في "الأوسط" (٥/ ٣٥٠): (وقد أجمع أهل العلم على أن رجلا لو مس جيفة، أو دما، أو خنزيرا ميتا، أن الوضوء غير واجب عليه، فالمسلم الميت أحرى أن لا يكون على من مسه طهارة).
[مسألة - الغاسل هو من يقلب الميت ويباشره لا من يصب الماء.]
أي أن الحكم السابق خاص بمن باشر تغسيل الميت، وتقليبه ولو لبعض جسده، ولا يشمل من يعاون بصب الماء ومناولة ما يحتاجون إليه في التغسيل ونحو ذلك.
[مسألة - من نواقض الوضوء أكل لحم الإبل ولو نيئا.]
والدليل على ذلك ما رواه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن سمرة، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال:«إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ» قال أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال:«نعم فتوضأ من لحوم الإبل».
بيان علة النهي:
قال المرداوي في "الإنصاف" (١/ ٢١٨): (الصحيح من المذهب، أن الوضوء من لحم الإبل تعبدي. وعليه الأصحاب. قال الزركشي: هو المشهور. وقيل: هو معلل. فقد قيل: إنها من الشياطين، كما جاء في الحديث الصحيح. رواه أحمد وأبو داود. وفي حديث آخر «على ذروة كل بعير شيطان» فإن أكل منها أورث ذلك قوة شيطانية، فشرع وضوءه منها ليذهب سورة الشيطان) وكونها معقولة المعنى هو الأقوى.