قال المرداوي في "الإنصاف"(١/ ٩٩): (ولا يكره البول قائما بلا حاجة، على الصحيح من المذهب، نص عليه، إن أمن تلوثا وناظرا).
والدليل على الجواز ما رواه الشيخان عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال «لقد أتى النبي صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةِ قوم، فبال قائما» والسُبَاطَةِ هي ملقى القمامة والتراب لا يرتد البول منها على البائل. وأما ما نقل من أنه بال قائما لجرح كان في مأبَضِه فضعيف.
[مسالة - يحرم استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بلا حائل ويكفي إرخاء ذيله.]
المذهب فيه ورايات كثيرة في حكم استقبال أو استدبار القبلة ببول وغائط والرواية التي ذكرها الماتن هي المذهب وما عليه أكثر الأصحاب والراجح التحريم مطلقا بلا فرق بين الفضاء والبنيان.
ووجه تفريقهم بين الفضاء والبنيان ما رواه أبو داود وغيره عن مروان الأصفر قال:(رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها فقلت: أبا عبدالرحمن أليس قد نهي عن ذلك؟ فقال: بلى، إنما نهي عن ذلك في الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس).
فهذا صريح من ابن عمر في التفريق، وهذا التفريق اجتهادي من ابن عمر - رضي الله عنهما - وذلك عندما رقى بيت حفصة ورأي النبي على حاجته مستقبل الشام مستدبرا الكعبة.
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل عدة وجوه من أقواها أنه لعله رآه وهو يستنجي وبينهما فرق فلا يحرم استقبال أو استدبار القبلة في حال الاستنجاء، وإنما النهي جاء في حال خروج البول، أو الغائط.
ويحتمل الخصوصية؛ لأن علة النهي هي عدم تعظيم القبلة، وهذا غير متحقق في حقه صلى الله عليه وسلم.
والمسالة طويلة الذيل، والراجح التحريم مطلقا بلا تفريق بين البنيان أو الفضاء ومن قرائن هذا الترجيح أمور منها: