وقد فرَّق موفق الدين بين إراقة الماء وترك الوضوء قبل الوقت وبعده فقال في "المغني"(١/ ١٧٧): (إذا كان معه ماء، فأراقه قبل الوقت، أو مر بماء قبل الوقت فتجاوزه، وعدم الماء في الوقت، صلى بالتيمم من غير إعادة، وبه يقول الشافعي، وقال الأوزاعي، إن ظن أنه يدرك الماء في الوقت، كقولنا، وإلا صلى بالتيمم، وعليه الإعادة؛ لأنه مفرط. ولنا، أنه لم يجب عليه استعماله فأشبه ما لو ظن أنه يدرك الماء في الوقت. وإن أراق الماء في الوقت، أو مر به في الوقت فلم يستعمله، ثم عدم الماء، يتيمم ويصلي. وفي الإعادة وجهان: أحدهما لا يعيد؛ لأنه صلى بتيمم صحيح، تحققت شرائطه، فهو كما لو أراقه قبل الوقت. والثاني يعيد؛ لأنه وجبت عليه الصلاة بوضوء، وهو قد فوت القدرة على نفسه، فبقي في عهدة الواجب). والقول الأول من أنه لا يعيد هو الأقوى والتفريق بين قبل الوقت وبعده بناء على أنه لا يتيمم قبل الوقت؛ لأن التيمم مبيح لا رافع، وقد سبق بيان أن الراجح خلاف ذلك، فلا يتجه هذا التفريق.
[مسألة - إن وجد محدث ببدنه وثوبه نجاسة ومعه ماء لا يكفي وجب غسل ثوبه ثم إن فضل شيء غسل بدنه ثم إن فضل شيء تطهر به، وإلا تيمم.]
قال موفق الدين في "المغني"(١/ ٢٠١): (إن اجتمع عليه نجاسة وحدث، ومعه ما لا يكفي إلا أحدهما، غسل النجاسة وتيمم للحدث. نص على هذا أحمد. وقال الخلال: اتفق أبو عبد الله، وسفيان على هذا. ولا نعلم فيه خلافا؛ وذلك لأن التيمم للحدث ثابت بالنص والإجماع، ومختلف فيه للنجاسة. وإن كانت النجاسة على ثوبه، قدم غسلها، وتيمم للحدث. وروي عن أحمد: أنه يتوضأ، ويدع الثوب؛ لأنه واجد للماء، والوضوء أشد من غسل الثوب. وحكاه أبو حنيفة، عن حماد في الدم. والأول أولى؛ لما ذكرناه؛ لأنه إذا قدم غسل نجاسة البدن مع أن للتيمم فيها مدخلا، فتقديم طهارة الثوب أولى، وإن اجتمع نجاسة على الثوب، ونجاسة على البدن، وليس معه إلا ما يكفي أحدهما، غسل الثوب، وتيمم لنجاسة البدن؛ لأن للتيمم فيها مدخلا).
والترجيح في هذه المسألة مبني على عدة مسائل وهي حكم التيمم للنجاسة على البدن، وحكم طهارة الثوب والبدن للصلاة، أما المسألة الأولى فستأتي وكان أولى