• ومن أقوى أدلة التحريم ما رواه الدارمي، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم من طريق أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم، عن أبيه عن جده به، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان فيه:«لا يمس القرآن إلا طاهر». وبعضهم لم يذكر عن أبيه عن جده وصوب الألباني في «الإرواء»(١٢٢) أنه من رواية أبي بكر مرسلا وأعله بالإرسال. وأخرجه مالك مرسلا (١/ ١٩٩) عن عبدالله بن أبي بكر بن حزم به. والحديث له شواهد من حديث حكيم بن حزام وابن عمر وعثمان - رضي الله عنهم -. وصححه الألباني بالشواهد. وانظر:«الإرواء»(١٢٢).
وجه الدلالة:
قوله (طاهر) نكرة في سياق النهي، فهي تفيد العموم فتشمل كل طاهر سواء أكانت طهارته حسية أو معنوية، صغرى أو كبرى.
مناقشة:
وقد أشكل بعض العلماء على الاستدلال بهذا الحديث بأن المقصود بالطاهر في الحديث هو المؤمن بقرينة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه:(إن المؤمن لا ينجس).
• والجواب عن هذا الإشكال أنه لا تعارض بين الحديثين، والحديث الثاني لا يخصص الحديث الأول لأنه من باب التنصيص على أحد أفراد العام.
• ويوضحه أن مفاد الحديث الثاني أن المؤمن طاهر سواء حملناها على الطهارة الحسية بمعنى أن عين المؤمن طاهرة لا تنجس، أو حملناه على الطهارة المعنوية أي أن المؤمن طاهر من ناحية الاعتقاد وعليه فدلالة هذا الحديث إنما هي لأحد أفراد العام المستفاد من الحديث الأول فلا يخصصه فالمؤمن تحققت فيه بعض أنواع الطهارة ولكنه ليمس المصحف لابد وأن تتحقق فيه باقي الأنواع من الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر.
وما يؤيد ذلك عمل بعض الصحابة بمقتضى الحديث الأول:
• فروى مالك في "المؤطأ وغيره عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، أنه قال كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت فقال سعد: «لعلك مسست