٢ - لأن البول فيه يؤدي إلى استقذاره فالنفوس مجبولة على استقذار الماء الراكد الذي يبال فيه فيذهب عنهم نفعه ووجوه استعماله، ومن هنا تفهم علة النهي عن الاغتسال منه أيضا.
٣ - النهي لقطع الوساوس التي تطرأ على من يستخدم الماء الذي بيل فيه.
• واستدلوا أيضا بخبر البلوغ وهو قياس مع الفارق لوجود جرثومة في لعاب الكلب لا تقتل إلا بالتراب، واستدلوا بخبر الاستيقاظ وقد سبق أن بينت أن الماء طهور.
أدلة من قال بعدم تنجيسه ما لم يتغير:
أولا - حديث يئر بضاعة:
ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم عن أبي سعيد الخدري، قال: قيل: يا رسول الله، أتتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الماء طهور لا ينجسه شيء»، والحديث صححه الإمام أحمد وغيره، وهو صحيح بطرقه وشواهده.
والماء صيغة عموم تشمل القليل والكثير، وكما سبق فإنه ليس مع من ذهب لتخصيصه بالكثير دليل يصح.
قال ابن المنذر في "الإجماع"(ص: ٣٥): (وأجمعوا على أن الماء القليل، والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت للماء طعما، أو لونا، أو ريحًا: أنه نجس ما دام كذلك) فجعل مدار التنجيس التغير لا الكثرة ولا القلة.
ثانيا - تطهير بول الأعرابي:
ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه طهر قليل النجاسة بقليل الماء كما في حديث بول الأعرابي، وفيه دليل على أن الماء القليل الذي خالطته نجاسة ولم تغير أحد أوصافه طهور وإلا لما كان لصب الماء فائدة ولما طهر المسجد.
ولا يقال أن هذا في محل التطهير لأنه كما سبق أن هذا التفريق لا يصح، والشرع لا يفرق بين المتماثلات، فنتيجة ورود الماء على النجاسة لتطهيرها هي بعينها نتيجة وقوع النجاسة في الماء، فكل منهما ماء قليل فيه نجاسة لم تغيره، فهو باق على إطلاقه.