للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالآدمي أولى. وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المسافر إذا كان معه ماء فخشي العطش أنه يبقي ماءه للشرب ويتيمم).

والمحترم من الآدمي هو: هو المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن، بخلاف الحربي وهو من بيننا وبينه حرب.

والمحترم من البهائم هي التي يحرم قتلها إلا لغرض كالشاة، والحمارة، والسنور، وكلب الصيد، ونحوه، بخلاف ما لا يحرم قتله كالكلب الأسود البهيم والعقور، والخنزير ونحوهما. فلا يجب بذل الماء لها.

وهذا الذي قرره الماتن من عدم بذل الماء لغير المحترم متجاذب بين الأدلة فمما يدل بعمومه على بذل الماء للحي من الحيوان سواء أكان محترم أم غير محترم قوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: «في كل ذات كبد رطبة أجر».

ومما يدل على قتل غير المحترم قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها عند الشيخين مرفوعا: " خمس فواسق، يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، وَالحُدَيَّا ".

ووجه ما قرره الماتن أن الحربي، أو الحيوان غير المحترم المقصود إتلاف نفسه لا إبقاؤه، وبذل الماء له يحفظ نفسه فحينئذ يكون مخالفا لمقصود الشارع.

وذهل البعض إلى أنه لا منفافة بين بذل الماء له وبين الأمر بقتله، فيحمل الأمر بالإحسان إليه ما لم يقتل فإذا قتل أحسن قتله فليس مقصود الشارع تعذيبه وتجويعه وتعطيشه وإساءة قتلته بالعبث به (١).

الترجيح:

والراجح هو ما ذهب إليه الماتن من عدم الإحسان إلى المحارب أو غيره من غير المحترمين فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوهم، وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة، عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي السرح» لا يحسن معه الإحسان إليهم وكذا إن كان كلبا


(١) انظر "إكمال المعلم" (٧/ ١٨٢) للقاضي عياض.

<<  <   >  >>