للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح:

والراجح أن لا كفارة على من وطء في الحيض إن كان مكرها، أو ناسيا للحيض، أو جاهلا للحكم، وأما من كان عاملا بالتحريم ولكنه جاهلا للكفارة فهذا عليه الكفارة؛ لأنه فعله وهو يعلم أنه محرم.

تقعيد أصولي:

قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة" (١/ ٤١٦): (الفرق بين خطاب التكليف والوضع من حيث الحكم، فهو أن خطاب اللفظ الذي يعبر عنه بخطاب التكليف، يشترط فيه علم المكلف وقدرته على الفعل وكونه من كسبه، كالصلاة، والصيام، والحج، ونحوها على ما سبق في شروط التكليف. أما خطاب الوضع، فلا يشترط فيه شيء من ذلك إلا ما يستثنى بعد إن شاء الله تعالى.

أما عدم اشتراط العلم، فكالنائم يتلف شيئا حال نومه، والرامي إلى صيد في ظلمة أو وراء حائل يقتل إنسانا، فإنهما يضمنان ما أتلفا، وإن لم يعلما.

وأما عدم اشتراط القدرة والكسب، فكالدابة تتلف شيئا، والصبي أو البالغ يقتل خطأ، فيضمن صاحب الدابة والعاقلة، وإن لم يكن الإتلاف والقتل مقدورا ولا مكتسبا لهم.

أما المستثنى من عدم اشتراط العلم والقدرة فهو قاعدتان: إحداهما: أسباب العقوبات، كالقصاص لا يجب على مخطئ في القتل لعدم العلم، وحد الزنى لا يجب على من وطئ أجنبية يظنها زوجته، لعدم العلم أيضا، ولا على من أكره على الزنى لعدم القدرة على الامتناع، إذ العقوبات تستدعي وجود الجنايات التي تنتهك بها حرمة الشرع زجرا عنها وردعا، والانتهاك إنما يتحقق مع العلم والقدرة والاختيار، والقادر المختار هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك، والجاهل والمكره قد انتفى ذلك فيه، وهو شرط تحقق الانتهاك، فينتفي الانتهاك لانتفاء شرطه، فتنتفي العقوبة لانتفاء سببها).

قال القرافي في "شرح تنقيح الفصول" (ص: ٨٠): (بعض الأسباب يشترط فيه العلم والقدرة وهو كل ما كان فيه جناية كالزنا وشرب الخمر ونحوه مما هو سبب للعقوبة؛ فإن قواعد الشرع تتقاضى أنه لا يعاقب من لم يقصد المفسدة، ولم يشعر

<<  <   >  >>