للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدلة والمناقشة:

اعتبر الحنابلة أن الدم حيض والانقطاع طهر، إلا أن يتجاوزا معا أكثر الحيض فتكون مستحاضة.

ودليلهم على ذلك قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢] قالوا: فإن ارتفع الأذى زال حكمه. واستدلوا بما رواه الدارمي وغيره عن أنس بن سيرين قال: استحيضت امرأة من آل أنس، فأمروني فسألت ابن عباس، فقال: «أما ما رأت الدم البحراني فلا تصلي، وإذا رأت الطهر ولو ساعة من النهار فلتغتسل وتصلي» وكلاهما محمول على عدم عود الدم وعلى رؤية القصة البيضاء.

الترجيح:

الراجح أن النقاء المتخلل زمن الحيض من الحيض ما لم تر القصة البيضاء، وتكليف المرأة بالاغتسال زمن حيضها فيه مشقة وهو من الحرج المرفوع عنا قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

قال تقي الدين في "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٢٣٨): (والأصل في كل ما يخرج من الرحم أنه حيض حتى يقوم دليل على أنه استحاضة؛ لأن ذلك هو الدم الأصلي الجبلي وهو دم ترخيه الرحم ودم الفساد دم عرق ينفجر؛ وذلك كالمرض؛ والأصل الصحة لا المرض. فمتى رأت المرأة الدم جار من رحمها فهو حيض تترك لأجله الصلاة. ومن قال: إنها تغتسل عقيب يوم وليلة فهو قول مخالف للمعلوم من السنة وإجماع السلف؛ فإنا نعلم أن النساء كن يحضن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكل امرأة تكون في أول أمرها مبتدأة قد ابتدأها الحيض ومع هذا فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم واحدة منهن بالاغتسال عقب يوم وليلة. ولو كان ذلك منقولا لكان ذلك حدا لأقل الحيض والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحد أقل الحيض باتفاق أهل الحديث).

<<  <   >  >>