أن الله تعالى أباح لنا طعام أهل الكتاب، ومن المعلوم أنهم يأتون به إلينا أحياناً في أوانيهم فدل على جواز الأكل من أوانيهم وأنها لا تنجس ما بها من طعام، وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أكل من الشَّاة المسمومة التي أُهديت له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في خيبر.
أدلة من قال بالمنع:
استدلوا بما رواه الشيخان من طريق عن أبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، قال: قلت: يا نبي الله، إنا بأرض قوم من أهل الكتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ قال:«أما ما ذكرت من أهل الكتاب، فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها».
وجه الاستدلال:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها) صريح في المنع من استعمالها عند توفر غيرها، أو قبل غسلها بالماء، فدل على أن الأصل في آنيتهم المنع وأن العلة هي نجاستها وعدم تحرزهم من شرب الخمر أو أكل الخنزير فيها كما ورد في بعض الروايات والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
مناقشة الاستدلال:
كثير من أهل العلم حملوا هذا الحديث على أناس عُرفوا بمباشرة النَّجاسات من أكل الخنزير، وشرب الخمر نحو ذلك، ولا يقال أن العبرة بعموم اللفظ بل يقال: العلة تعمم معلولها وقد تخصصه، فمتى تحققت العلة وجد المنع، وإلا فلا منع هذا هو مقتضى إعمال القواعد الأصولية.
الترجيح:
الراجح هو القول المشهور في المذهب من أن آنية الكفار مباحة الاستعمال إن جهل حالها ولم نتيقن أو يغلب على ظننا تنجسها وإلا فيجب الغسل.