ج ـ أن يسكت لكونه لم ينظر في المسألة بعد، أو لتعارض الأدلة عنده.
وذهب بعضهم إلى أنه يعد حجة ولكن ليس بإجماع. وهذا القول راجع إلى القول بالحجية؛ إذ إن مراد هذا القائل والله أعلم أن الإجماع السكوتي حجة ظنية بخلاف الإجماع الصريح فهو حجة قطعية، ولذلك لا ينبغي أن يعد هذا قولا جديدا في المسألة.
وذهب بعضهم إلى أنه إن كان الذي تكلم في حكم المسألة حاكما فلا يكون سكوت الباقين دليلا على اتفاقهم، وإلا كان دليلا، وهو رأي ابن أبي هريرة من الشافعية، واستدل بأن العادة جارية بعدم الاعتراض على حكم الحاكم وإن كان غيره من العلماء لا يوافقونه، وأنه من عادة العلماء حضور مجالس الحكم وعدم الاعتراض على حكم القاضي وإن كان على خلاف مذهب الحاضرين، وهذه العادة لم تعهد في الفتاوى والآراء الصادرة من غير القضاة فوجب التفريق بينها على النحو السابق.
والراجح: أن الإجماع السكوتي حجة، ولكنه حجة ظنية ليست في درجة الإجماع الصريح.
وما استدل به الإمام الشافعي من أنه «لا ينسب إلى ساكت قول» يجاب عنه بأن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان، والعالم يلزمه أن ينكر المنكر، فإذا سكت عن الإنكار دل سكوته على موافقته على الفتوى.
وما ذكر من الاحتمالات التي يمكن أن يحمل عليها سكوته كلها احتمالات ضعيفة؛ إذ لو تحقق بعضها لقامت عليه قرائن تدل عليه، ولما سكت عن الإنكار إلى وفاته، ثم إن عادة العلماء الجهر بالحق وعدم الخوف من سلطان أو غيره، وإذا سكت العالم عن الإنكار علانية فلن يسكت عن بيان الحق لطلابه