وخاصته وناقلي فقهه، وأما سكوته لعدم نظره في المسألة فلا ينافي الإجماع؛ لأنه حينئذ لا قول له في المسألة.
وينبغي أن نعلم أننا لو اشترطنا تصريح كل عالم بالموافقة على الحكم لما أمكن أن نجد مسألة نقل إلينا فيها قول جميع المجتهدين، وكل ما نقله العلماء الذين ينقلون الإجماع هو من قبيل الإجماع السكوتي، فليتأمل.
وأما الإجماع الضمني، فقد اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه حجة، وهو مذهب أكثر الأصوليين، واستدلوا على ذلك بأن إحداث قول ثالث لا يخلو من أمرين: أحدهما أن يكون هذا القول المحدث خطأ وحينئذ لا يعتد به. والثاني أن يكون هذا القول صوابا فيكون القولان أو الأقوال التي ذهب إليها أهل العصر السابق كلها خطأ فتخلو الأمة في عصرهم عن قائم لله بالحجة، وهذا مستحيل دل على استحالته أدلة حجية الإجماع، فتبين أن كلا الاحتمالين باطل فيكون إحداث قول جديد باطلا.
القول الثاني: أنه ليس بحجة ولا إجماع، واستدلوا على ذلك بأن الإجماع لا يمكن أن يؤخذ من الخلاف، وأصحاب العصر السابق قد اختلفوا فكيف يستدل باختلافهم على الإجماع. وأيضا فإن أصحاب القرن السابق قد اختلفوا في المسألة، فيستدل باختلافهم على أن المسألة خلافية، وأن الخلاف فيها سائغ، وإذا ساغ الخلاف فيها فلا مانع من إحداث قول جديد.
القول الثالث: التفصيل، فإن كانت أقوال المختلفين بينها قدر مشترك والقول المحدث يرفع ما اتفقت عليه فهو باطل، وإن لم يرفع ما اتفقت عليه الأقوال فهو اجتهاد سائغ.
ومثلوا للقول الذي يرفع ما اتفقت عليه الأقوال السابقة بأن الصحابة اختلفوا في ميراث الجد والإخوة فقال بعضهم: يشَرّك بينهم، وقال الآخرون