وأنكر الجمهور هذا القياس، وتمسكوا بحديث:«لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل».
٣ ـ أن يكون ثابتا بنص أو إجماع أو اتفاق من الخصمين المتناظرين.
فإن كان ثابتا بنص فيجوز القياس عليه وإن خالف فيه من خالف، مثل قياس سؤر الخنزير على سؤر الكلب في النجاسة ووجوب غسله سبعا، وسؤر الكلب ثبت حكمه بحديث صحيح، وخالف فيه الإمام مالك وقال: إن الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب تعبدي لا لأجل نجاسته، وكذلك قياس الإجارة على البيع في ثبوت خيار المجلس وهو ثابت بنص صحيح، وخالف فيه الإمام مالك وخلافه في حكم المقيس عليه لا يمنع غيره من القياس عليه.
وإن كان ثابتا بالإجماع، فقال بعض العلماء: لا يقاس عليه ما لم يعرف مستند الإجماع؛ لأن القياس لا بد فيه من معرفة العلة، ولا تعرف إلا بمعرفة النص الوارد في حكم الأصل.
والصحيح: جواز القياس على ما ثبت بالإجماع؛ لأنه لا يمكن أن يثبت الإجماع إلا لنص صريح واضح أو لعلة معتبرة شرعا.
وأما إذا كان حكم الأصل متفقا عليه بين الخصمين، ولا يعرفان له دليلا من كتاب ولا سنة، فقيل يصح القياس على هذا الأصل بين الخصمين ليقنع أحدهما الآخر برأيه، كما يحصل بين المقلدين لمذهب واحد إذا عرفوا نص إمامهم في مسائل فأراد أحدهم أن يقيس على تلك المسائل فيمكنه ذلك لإقناع خصمه المتفق معه في حكم الأصل، وكذا بين مقلدي المذاهب المختلفة إذا اتفقت مذاهبهم على حكم الأصل المقيس عليه ولم يعرفوا دليله.