وجه الاستدلال أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن سبب عدم الأمر بالسواك هو خوفه المشقة على الأمة، ولا مشقة إلا في ترك الواجب؛ لأنه هو الذي فيه عقوبة.
والحديث يدل على بطلان القول بأن الأمر للندب، حيث نفى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون أمر أمته بالسواك مع أنه ندبهم إليه بلا خلاف، فهذا يدل على أن الأمر لما هو أعلى من الندب والأعلى من الندب هو الوجوب.
٤ ـ ما روي في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أبي بن كعب وهو يصلي فلم يجبه فلما قضى صلاته جاء، فقال: لم يمنعني من إجابتك إلا أني كنت أصلي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«ألم تسمع قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال٢٤]»(أخرجه البخاري).
فهذا الحديث يدل على أن الأمر يفيد الوجوب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لام أبي بن كعب على عدم فهمه الوجوب من الآية.
٥ - إجماع الصحابة على الاستدلال بالأمر على الوجوب، ويدل على ذلك رجوعهم إلى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من غير بحث عن قرينة، كما رجعوا إلى حديث:«إذا دخل الطاعون في بلد وأنتم فيها فلا تخرجوا منها، وإن حدث في بلد فلا تدخلوها».
القول الثاني: أنه موضوع للقدر المشترك بين الوجوب والندب، وهو مطلق الطلب، وذهب إلى هذا كثير من الأصوليين كالرازي وشراح كلامه، وهو مذهب أبي هاشم الجبائي، ونسب إلى أبي منصور الماتريدي ومشايخ سمرقند (١).