المحمول على الندب منها وجدت قرائن تصرفه عن الوجوب، وكلامنا فيما لم توجد معه قرينة صارفة.
وقولهم: الأمر طلب، والندب هو المتيقن فيحمل عليه، يجاب بأن الأمر طلب الفعل من الأعلى رتبة، وأدلة الشرع السابقة دلت على حمله على الوجوب، والاحتياط يقتضي ذلك؛ إذ إن حمله على الندب ربما دفع المكلف إلى الترك وهو مراد به الوجوب فيأثم، وإذا حمله على الوجوب فعله وسلم من الإثم.
ولما كانت الأوامر في الكتاب والسنة لا تخلو ـ غالبا ـ عن قرائن حالية أو مقالية، متقدمة أو متأخرة أو مصاحبة، وجدنا كلام العلماء في حمل الأوامر على الندب أو الوجوب لا يقف عند ذكر الأصل في معنى الأمر، وإنما يؤيد كل منهم رأيه في المسألة الخاصة الوارد الأمر بها بأدلة وقرائن أخرى.
والمتتبع لكلام الفقهاء يجدهم يحملون الأمر على الوجوب، إلا إذا وجدت قرينة صارفة أو عارض الأمر دليل آخر.