ونوقش الدليل الأول بأن ما يحتاج إلى بيان موقوف اعتقاده والعمل به على ورود البيان، والمطلوب من المكلف اعتقاد أنه حق وصدق على مراد الله جل وعلا من غير جزم باحتمال معين من بين الاحتمالات، ولا يلزم منه تجهيل.
وأجاب الأشعرية ـ كعادتهم ـ بأن الله تعالى لا يقبح منه شيء، والعقل لا مدخل له في التحسين والتقبيح.
ونوقش الدليل الثاني بأن التأخير الجائز هو تأخير البيان إلى حضور وقت العمل، ولا يلزم من ذلك التكليف بما لا يطاق.
وأما لزوم الخطاب بما لا يفهم معناه فإن أرادوا به أن لا يكون له معنى مفهوم فممنوع؛ لأن المجمل له معنى ولكنه محتمل لأكثر من معنى، وإن أرادوا أن لا يكون له معنى متعين فيمكن التزامه ولا مفسدة فيه إذا لم يستمر الجهل بمعناه إلى وقت العمل.
القول الثالث: جواز تأخير بيان المجمل دون غيره. وهو منقول عن الصيرفي وأبي حامد المروزي، واختاره أبو الحسين البصري وبعض المعتزلة.
واستدل لهذا القول بما يلي:
أن المجمل ليس له ظاهر يمكن العمل به فلا يلزم من تأخير بيانه إيقاع المكلف في اعتقاد الخطأ، وأما العام الذي أريد به الخصوص، والمطلق الذي أريد به المقيد، فلو أخر البيان لأدى ذلك إلى اعتقاد ما ليس مرادا لله تعالى، ولذا جاز تأخير بيان المجمل دون غيره.
ويمكن أن يناقش هذا، بمثل ما نوقش به استدلال القول الثاني، وهو أن اعتقاد العموم في العام المخصوص أو الإطلاق في المطلق المراد به المقيد لا ينبغي