وما نُقل عن العنبريّ لا يصحُّ؛ لأن كلامه في أهل القبلة.
وأما الجاحظ فليس من أهل الاجتهاد، فلا يُعتدُّ بقوله.
وأما المسائل العملية: فإن كانت قطعية، أي: قام عليها دليل قطعي، فالحق ما قام عليه الدليل؛ إذ لا يمكن مخالفة الدليل القطعي.
وأما العملية الظنية: فإن العقل لا يمنع من تصويب المختلفين فيها. ولذلك اختلفوا فيها أيقال: الجميع مصيبون أم المصيب واحد؟
والثاني أرجحُ، والدليلُ عليه من وجوهٍ:
١ - أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سمّى أحدَ المجتهدَين مصيباً، والآخَرَ مخطئاً، فقال:«إذا حكم الحاكمُ فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجرٌ»، (متفق عليه)، فسمّاه مخطئاً.
٢ - أنه لو كان الجميعُ مصيبين مع اختلافِهم، لما كانتْ هناك حاجةٌ إلى المناظرة والاستدلالِ على المخالف؛ لأن الخلافَ يكونُ من باب اختلاف التنوُّع، والإجماعُ على خلاف ذلك.
٣ - أنه لو كان الحقُّ يتعدّدُ للزم اجتماعُ الضدّين في بعض صور الاجتهاد، كما إذا طلّق زوجتَه ثلاثاً، وهو ممن يرى الثلاث واحدةً، وهي ممن يرى الثلاثَ