الحمد لله الذي خلق الإنسان، علمه البيان. وصلاته وسلامه على عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين. والفقهاء من الإنس والجان. وعلى آله سادات ذرية عدنان. وعلى صحبه الذين حققوا الحق بالبينات والبرهان.
أما بعد فإن علم الاستنباط والفقه من خير العلوم وأشرفها، وحاملوه خيار العلماء وشرفاؤهم؛ قال الله تعالى:{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} فسره ابن عباس رضي الله عنهما بالفقه وقال عليه الصلاة والسلام: "ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين". وقال عليه الصلاة والسلام:"خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا".
وأول من دوّن علم الفقه ونسخه في الأسفار وأملاه على أصحابه إمامنا الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رضي الله عنه. وسلك أصحابه أبو يوسف وزفر والحسن بن زياد ومحمد بن الحسن الشيباني رحمهم الله على منواله، وصنفوا كتبا كثيرة، وزادوا فيها ونقصوا، وقدّموا وَأخّروا، وهذّبوا ورتّبوها ترتيبا حسنا، وفرعوا على أصول شيخهم وإمامهم، فصاروا بذلك قدوة لخير الأمة، خصوصا منهم الإمام