للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفتيا عَلَيْهِم فِي أقاصي الأَرْض وأدانيها حَتَّى تعلم هَذِه الطَّائِفَة أَنَّهَا قد خَالَفت عُلَمَاء الْمُسلمين فِي بدعتها وَالله ولي التَّوْفِيق ثمَّ قَالَ أما مَالك فَإِنَّهُ نهى عَن الْغناء وَعَن استماعه قَالَ واذا اشْترى جَارِيَة فَوَجَدَهَا مغنية فَلهُ ان يردهَا بِالْعَيْبِ وَسُئِلَ مَالك عَمَّا ترخص فِيهِ أهل الْمَدِينَة من الْغناء فَقَالَ إِنَّمَا يَفْعَله عندنَا الْفُسَّاق قَالَ وَأما أَبُو حنيفَة فَإِنَّهُ يكره الْغناء ويجعله من الذُّنُوب وَكَذَلِكَ مَذْهَب أهل الْكُوفَة سُفْيَان وَحَمَّاد وابراهيم وَالشعْبِيّ وَغَيرهم لَا اخْتِلَاف بَينهم فِي ذَلِك وَلَا نعلم خلافًا أَيْضا بَين أهل الْبَصْرَة فِي الْمَنْع مِنْهُ قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى مَذْهَب أبي حنيفَة فِي ذَلِك من أَشد الْمذَاهب وَقَوله فِيهِ أغْلظ الْأَقْوَال وَقد صرح أَصْحَابه بِتَحْرِيم سَماع الملاهي كلهَا كالمزمار والدف حَتَّى وَالضَّرْب بالقضيب وصرحوا بِأَنَّهُ مَعْصِيّة يُوجب الْفسق وَترد بِهِ الشَّهَادَة وأبلغ من ذَلِك قَالُوا إِن السماع فسق والتلذذ بِهِ كفر هَذَا لَفظهمْ وَرووا فِي ذَلِك حَدِيثا لَا يَصح رَفعه قَالُوا وَيجب عَلَيْهِ أَن يجْتَهد فِي أَن لَا يسمعهُ إِذا مر بِهِ أَو كَانَ فِي جواره وَأما الشَّافِعِي فَقَالَ فِي كتاب أدب الْقَضَاء إِن الْغناء لَهو مَكْرُوه يشبه الْبَاطِل والمحال وَمن استكثر مِنْهُ فَهُوَ سَفِيه ترد شَهَادَته وَصرح أَصْحَابه العارفون بمذهبه بِتَحْرِيمِهِ وأنكروا على من نسب اليه حلّه كَالْقَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَالشَّيْخ أبي اسحاق وَابْن الصّباغ قَالَ الشَّيْخ ابو اسحاق فِي التَّنْبِيه وَلَا يَصح يَعْنِي الاجارة على مَنْفَعَة مُحرمَة كالغناء وَالزمر وَحمل الْخمر وَلم يذكر فِيهِ خلافًا وَقَالَ فِي الْمُهَذّب وَلَا يجوز على الْمَنَافِع الْمُحرمَة لِأَنَّهُ محرم فَلَا يجوز أَخذ الْعِوَض عَنهُ كالميته وَالدَّم فقد تضمن كَلَامه أمورا أَحدهَا أَن مَنْفَعَة الْغناء بِمُجَرَّدِهِ مَنْفَعَة مُحرمَة الثَّانِي أَن الِاسْتِئْجَار عَلَيْهَا بَاطِل

<<  <  ج: ص:  >  >>