.. طَاف المداهب يَبْتَغِي نورا ليهديه وينجيه من النيرَان
وَكَأَنَّهُ قد طَاف يَبْغِي ظلمَة اللَّيْل البهيم وَمذهب الحيران
وَاللَّيْل لَا يزْدَاد إِلَّا قُوَّة ... وَالصُّبْح مقهور بذا السُّلْطَان
حَتَّى بَدَت فِي سيره نَار على ... طود الْمَدِينَة مطلع الايمان
فَأتى ليقبسها فَلم يُمكنهُ مَعَ ... تِلْكَ الْقُيُود منالها بِأَمَان
لَوْلَا تَدَارُكه الاله بِلُطْفِهِ ... ولى على العقبين ذَا نكصان
لَكِن توقف خاضعا متذللا ... مستشعر الافلاس من أَثمَان
فَأَتَاهُ جند حل عِنْد قيوده ... فامتد حِينَئِذٍ لَهُ الباعان ... وَالله لَوْلَا أَن تحل قيوده ... وتزول عَنهُ ربقة الشَّيْطَان
كَانَ الرقي الى الثريا مصعدا ... من دور تِلْكَ النَّار فِي الامكان
فَرَأى بِتِلْكَ النَّار آطام الْمَدِينَة ... كالخيام تشوفها العينان
وَرَأى على طرقاتها الْأَعْلَام قد ... نصبت لاجل السالك الحيران
وَرَأى هُنَالك على كل هاد مهتد ... يَدْعُو الى الايمان والإيقان
فهناك هُنَا نَفسه متذكرا ... مَا قَالَه المشتاق مُنْذُ زمَان
والمستهام على الْمحبَّة لم يزل ... حاشا لذكراكم من النسْيَان
لَو قيل مَا تهوى لقَالَ مبادرا ... أَهْوى زيارتكم على الأجفان ...