قيل نعم نقُول ذَلِك لقَوْل الله تَعَالَى يَد الله فَوق أَيْديهم الْفَتْح وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلق الله آدم بِيَدِهِ وغرس جنَّة عدن بِيَدِهِ وَقَالَ تَعَالَى بل يَدَاهُ مبسوطتان الْمَائِدَة وَفِي الحَدِيث كلتا يَدَيْهِ يَمِين وَلَيْسَ يجوز فِي لِسَان الْعَرَب وَلَا فِي عَادَة أهل الْخطاب أَن يَقُول الْقَائِل عملت كَذَا وَكَذَا بيَدي وَهُوَ بِمَعْنى النِّعْمَة اذا كَانَ الله خَاطب الْعَرَب بلغاتها وَمَا تَجدهُ مفهوما فِي كَلَامهَا ومعقولا فِي خطابها واذ لَا يجوز فِي خطابها أَن يَقُول الْقَائِل فعلت بيَدي وَيَعْنِي النِّعْمَة بَطل أَن يكون معنى بيَدي النِّعْمَة وسَاق الْكَلَام فِي إِنْكَار هَذَا التَّأْوِيل وأطاله جدا وَقرر أَن لفظ الْيَدَيْنِ على حَقِيقَته وَظَاهره وَبَين ان اللُّغَة الَّتِي نزل بهَا الْقُرْآن لَا تحْتَمل مَا تأولته الْجَهْمِية وَقَالَ لِسَان اصحابه وأجلهم أَبُو بكر مُحَمَّد بن الطّيب الباقلاني فِي كتاب التَّمْهِيد وَهُوَ أشهر كتبه فان قَالَ الْقَائِل فَمَا الْحجَّة فِي أَن لله وَجها ويدين قيل قَوْله تَعَالَى {وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام} الرَّحْمَن وَقَوله {مَا مَنعك أَن تسْجد لما خلقت بيَدي} فَأثْبت لنَفسِهِ وَجها ويدين فان قَالُوا انما أنكرتم أَن يكون الْمَعْنى خلقت بيَدي أَنه خلقه بقدرته لِأَن الْيَدَيْنِ فِي اللُّغَة تكون بِمَعْنى النِّعْمَة وَبِمَعْنى الْقُدْرَة كَمَا يُقَال لفُلَان عِنْدِي يَد بَيْضَاء وَهَذَا الشَّيْء فِي يَد فلَان وَتَحْت يَده وَيُقَال رجل أيد اذا كَانَ قَادِرًا كَمَا قَالَ تَعَالَى {خلقنَا لَهُم مِمَّا عملت أَيْدِينَا أنعاما} يس يُرِيد عَملنَا بقدرتنا وَقَالَ الشَّاعِر ... إِذا مَا راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة بِالْيَمِينِ ...
وَكَذَلِكَ قَوْله خلقت بيَدي يَعْنِي بقدرته وَنعمته قَالَ فَيُقَال لَهُ هَذَا بَاطِل لَان قَوْله بيَدي يَقْتَضِي إِثْبَات يدين هما صفة لَهُ فَلَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute