للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَصْل الثَّانِي أَن الْوُجُود الَّذِي لهَذِهِ الذوات الثَّابِتَة هُوَ عين وجود الْحق الْوَاجِب وَلِهَذَا قَالَ فِي أول (الفصوص (فِي الشيشية وَمن هَؤُلَاءِ يعْنى الَّذين لَا يسْأَلُون الله من يعلم أَن علم الله بِهِ فِي جَمِيع أَحْوَاله هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ من حَال ثُبُوت عينه قبل وجودهَا وَيعلم أَن الْحق لَا يُعْطِيهِ إِلَّا مَا أعطَاهُ عينه من الْعلم بِهِ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَال ثُبُوته فَيعلم علم الله بِهِ من أَيْن حصل وَمَا ثمَّ صنف من أهل الله أَعلَى وأكشف من هَذَا الصِّنْف فهم الواقفون على سر الْقدر وهم على قسمَيْنِ مِنْهُم من يعلم ذَلِك مُجملا وَمِنْهُم من يعلم ذَلِك مفصلا وَالَّذِي يُعلمهُ مفصلا أَعلَى وَأتم من الَّذِي يُعلمهُ مُجملا فَإِنَّهُ يعلم مَا فِي علم الله فِيهِ وَإِمَّا بإعلام الله إِيَّاه بِمَا أعطَاهُ عينه من الْعلم بِهِ وَإِمَّا بِأَن يكْشف لَهُ عَن عينه الثَّابِتَة وانتقالات الْأَحْوَال عَلَيْهَا إِلَى مَالا يتناهى وَهُوَ أَعلَى فَإِنَّهُ يكون فِي علمه بِنَفسِهِ بِمَنْزِلَة علم الله بِهِ لِأَن الْأَخْذ من مَعْدن وَاحِد هَذَا لَفظه وَقد كشف شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية عَن مقالات رُؤُوس هَؤُلَاءِ الإتحادية وأوضح كَلَام كل وَاحِد مِنْهُم فِي رسَالَته إِلَى الشَّيْخ نصر المنبجي قَالَ فِيهَا وَأما مَا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ من الإتحاد الْعَام فَمَا علمت أحدا سبقهمْ إِلَيْهِ إِلَّا من أنكر وجود الصَّانِع مثل فِرْعَوْن والقرامطة وَذَلِكَ أَن حَقِيقَة أَمرهم أَنهم يرَوْنَ أَن عين وجود الْحق هُوَ عين وجود الْخلق وان وجود ذَات الله خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض هِيَ نفس وجود الْمَخْلُوقَات وَلَا أَنه غَنِي وَمَا سواهُ فَقير لَكِن تفَرقُوا على ثَلَاثَة طرق وَأكْثر من ينظر فِي كَلَامهم لَا يفهم حَقِيقَة أَمرهم لِأَنَّهُ أَمر مُبْهَم الأول أَن يَقُولُوا إِن الذوات بأسرها كَانَت ثَابِتَة فِي الْعَدَم وَإِن ذَاتهَا أبدية أزلية حَتَّى ذَوَات الْحَيَوَان والنبات والمعادن والحركات

<<  <  ج: ص:  >  >>