كملت الْمِائَة السَّادِسَة من الْهِجْرَة ظَهرت مبادئ تِلْكَ الفترة بِظُهُور من ينْسب إِلَى الْعلم والتصوف مِمَّن أعطي فِي أَلْفَاظه نوعا من التَّصَرُّف لاكتسابه الْعُلُوم الفلسفية والطبيعية وَغَيرهمَا من الْعُلُوم الَّتِي لَا يُرْجَى خَيرهَا فتولد من هَذِه المركبات فِي الذِّهْن عِبَارَات وأنواع إشارات بِلِسَان يستغرب وَعند غير الْعَارِف الذكي تستعذب وَهِي فَاسِدَة الْمعَانِي واهية المباني مُخَالفَة لظواهر النُّصُوص معاكسة لقَوْل كل نَبِي مَخْصُوص مَعَ تحريفه تَأْوِيل مَا يعتضد بِهِ من الْمَنْقُول على حكم اعْتِقَاده فِي الْوحدَة أَو الِاتِّحَاد والحلول وتزايد بِهِ الْأَمر حَتَّى أقدم على المضادة وَأظْهر الْمُخَالفَة والمعاندة بِمَا وَضعه فِي كتاب (الفصوص (المشارك لَهُ فِي وَضعه إِبْلِيس قصدا للتدليس وإظهارا للتلبيس فأظهر الله بالتحقيق ذَلِك لِذَوي التَّوْفِيق فَمن أعظم تحيلاته وَكذبه على الله وافتئاته مَا زَعمه فِي مُقَدّمَة الْكتاب الْمَذْكُور من البهتنان والزور حَيْثُ قَالَ إِنَّه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَبِيَدِهِ كتاب فَقَالَ لَهُ هَذَا كتاب (فصوص الحكم (خُذْهُ وَأخرجه إِلَى النَّاس يَنْتَفِعُونَ بِهِ أَنه أخرجه كَمَا حَده لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان فَانْظُر إِلَى هَذَا الْخلَل وَظُهُور دَلَائِل الزلل وَذَلِكَ أَنه زعم أَنه نَاوَلَهُ إِيَّاه وَسَماهُ لَهُ وَلم يقل قرأته عَلَيْهِ وَلَا انْتَبَهت فَوَجَدته فِي يَدي فَكيف عرف حَده وكل مَا فِيهِ من قَول وَمعنى من نظم ونثر واستدلال بعلوم فلسفية وطبيعية وهندسية من الْعُلُوم الَّتِي لَا تنْسب إِلَى الحضرة المحمدية وَمَا فِيهَا من الشّعْر فَلَا ينْسب إِلَى نَبِي وَلَا ملك وَلَا إِلَى حَضْرَة إلهية من مبادئ تجليات الْحق سُبْحَانَهُ فِي الْمَنَام وَلَا غَيره هَذَا إِذا كَانَ الشّعْر وَالْكَلَام مُوَافقا لما جَاءَت بِهِ الرُّسُل الْكِرَام فظهرت دَلَائِل كذبه فِيمَا جعله لدفع الشُّبْهَة عَنهُ من أقوى سَببه لبلفت بِهِ إِلَيْهِ الْعَوام ويصغي نَحوه أهل البلادة بالإيهام فَيحصل مِنْهُم عَنهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute