وَلَو اقْتصر على أَحدهمَا جَازَ من غير كَرَاهَة فقد جرى عَلَيْهِ جمع مِنْهُم مُسلم فِي (صَحِيحه (خلافًا للشَّافِعِيَّة وَفِي كَلَام بَعضهم لَا اعْلَم أحدا نَص على الْكَرَاهَة حَتَّى إِن الامام الشَّافِعِي نَفسه اقْتصر على الصَّلَاة دون التَّسْلِيم فِي خطْبَة (الرسَالَة (وَالله اعْلَم
قَوْله وَقد نضر الْجَبَّار تبَارك وَتَعَالَى الخ يُشِير الى حَدِيث عِيَاض بن حمَار الْمُجَاشِعِي الَّذِي رَوَاهُ مُسلم فِي (صَحِيحه (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَات يَوْم فِي خطبَته (أَلا إِن رَبِّي أَمرنِي أَن أعلمكُم مَا جهلتم مِمَّا عَلمنِي فِي يومي هَذَا كل مَال نحلته عبَادي حَلَال واني خلقت عبَادي حنفَاء كلهم وانهم أَتَتْهُم الشَّيَاطِين فَاجْتَالَتْهُمْ عَن دينهم وَحرمت عَلَيْهِم مَا أحللت لَهُم وأمرتهم أَن يشركوا بِي مَا لم أنزل بِهِ سُلْطَانا وَإِن الله نظر ألى أهل الارض فمقتهم عربهم وعجمهم إِلَّا بقايا من أهل الْكتاب الحَدِيث
أما بعد فَإِن الله جلّ ثَنَاؤُهُ وتقدست اسماؤه إِذا اراد أَن يكرم عَبده بمعرفته وَيجمع قلبه على محبته شرح صَدره لقبُول صِفَاته العلى وتلقيها من مشكاة الْوَحْي فاذا ورد عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا قابله بِالْقبُولِ وتلقاه بالرضى وَالتَّسْلِيم وأذعن لَهُ بالانقياد فَاسْتَنَارَ بِهِ قلبه واتسع لَهُ صَدره وأمتلأ بِهِ سُرُورًا ومحبة فَعلم أَنه تَعْرِيف من تعريفات الله تَعَالَى تعرف بِهِ إِلَيْهِ على لِسَان رَسُوله فَأن نزل تِلْكَ الصّفة من قبله منزلَة الْغَدَاء اعظم مَا كَانَ إِلَيْهِ فاقة ومنزلة الشِّفَاء أَشد مَا كَانَ اليه حَاجَة فَاشْتَدَّ بهَا فرحه وَعظم بهَا غناؤه وقويت بهَا مَعْرفَته واطمأنت إِلَيْهَا نَفسه وَسكن إِلَيْهَا قلبه فجال من الْمعرفَة فِي ميادينها وأسام عين بصيرته فِي رياضها وبساتينها لتيقنه بِأَن شرف الْعلم تَابع لشرف معلومه وَلَا مَعْلُوم أعظم وَأجل مِمَّن هَذِه صفته وَهُوَ ذُو الاسماء الْحسنى وَالصِّفَات العلى وان شرفه أَيْضا