فِي الْبَاطِن وَهَذَا سُؤال ابْن الباقلاني قُلْنَا وَأما الْجَزْم بصدقه فَإِنَّهُ قد يحتف بِهِ من الْقَرَائِن مَا يُوجب الْعلم إِذْ الْقَرَائِن الْمُجَرَّدَة قد تفِيد الْعلم بمضمونها فَكيف إِذا احتفت بالْخبر والمنازع بني على هَذَا أَصله الواهي أَن الْعلم بِمُجَرَّد الْأَخْبَار لَا يحصل إِلَّا من جِهَة الْعدَد فَلَزِمَهُ ان يَقُول مَا دون الْعدَد لَا يُفِيد أصلا وَهَذَا غلط خَالفه فِيهِ حذاق أَتْبَاعه وَأما الْعَمَل بِهِ فَلَو جَازَ أَن يكون فِي الْبَاطِن كذبا وَقد وَجب علينا الْعَمَل بِهِ لَا نعقد الاجماع على مَا هُوَ كذب وَخطأ فِي نفس الْأَمر وَهَذَا بَاطِل فَإِذا كَانَ تلقي الْأمة لَهُ بِالْقبُولِ يدل على صدقه بِأَنَّهُ إِجْمَاع مِنْهُم على أَنه صدق مَقْبُول بِإِجْمَاع السّلف وَالصَّحَابَة أولى أَن يدل على صدقه فَإِنَّهُ لَا يُمكن أحد أَن يَدعِي إِجْمَاع الْأمة إِلَّا فِيمَا أجمع عَلَيْهِ سلفها من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأما بعد ذَلِك فقد انتشرت انتشارا لَا ٢ تضبط أَقْوَال جَمِيعهَا
قَالَ وَاعْلَم أَن جُمْهُور أَحَادِيث البُخَارِيّ وَمُسلم من هَذَا الْبَاب كَمَا ذكر الشَّيْخ أَبُو عَمْرو وَمن قبله الْعلمَاء كالحافظ أبي طَاهِر السلَفِي وَغَيره فَإِنَّمَا تَلقاهُ اهل الحَدِيث وعلماؤه بِالْقبُولِ والتصديق فَهُوَ مُحَصل للْعلم مُفِيد لليقين وَلَا عِبْرَة بِمن عداهم من الْمُتَكَلِّمين والأصوليين فَإِن الِاعْتِبَار فِي الاجماع على كل أَمر من الْأُمُور الدِّينِيَّة على أهل الْعلم بِهِ دون غَيرهم كَمَا لم يعْتَبر على الاجماع فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة إِلَّا الْعلمَاء بهَا دون الْمُتَكَلِّمين والنحاة والأطباء وَكَذَلِكَ لَا يعْتَبر فِي الْإِجْمَاع على صدق الحَدِيث وَعدم صدقه إِلَّا أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وطرقه وَعلله وهم عُلَمَاء أهل الحَدِيث الْعَالمُونَ بأحوال نَبِيّهم الضابطون لأقواله وأفعاله المعتنون بهَا اشد من عناية المقلدين بأقوال متبوعهم فَكَمَا أَن الْعلم بالتواتر يَنْقَسِم إِلَى عَام وخاص فيتواتر عِنْد الْخَاصَّة مَالا يكون مَعْلُوما لغَيرهم فضلا أَن يتواتر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute