قَوْله وَلَقَد أَتَى الْفرْقَان بَين الْخلق والامر الخ أَي ان الله فرق بَين الْخلق والامر فِي قَوْله تَعَالَى {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} الاعراف ٥٤ فَجعل الْخلق غير الامر وَلَكِن الْجَهْمِية وَمن تَبِعَهُمْ قَالُوا ان الْخلق هُنَا هُوَ الامر وَقَالُوا الْعَطف لَا يَقْتَضِي الْمُغَايرَة بل هُوَ من عطف الْخَاص على الْعَام وَهَذَا معنى قَول النَّاظِم والعطف عِنْدهم كعطف الْفَرد من نوع عَلَيْهِ الخ وَهَذَا مَرْدُود لَان الله سُبْحَانَهُ أخبر فِي هَذِه الْآيَة انها بعد الْخلق قد سخرت بالامر
قَوْله والامر إِمَّا مصدر الخ أَي ان الامر فِي الْآيَة إِمَّا ان يكون مصدرا كَمَا هُوَ الاظهر وَإِمَّا ان يكون المُرَاد بِهِ الْمَأْمُور كَمَا يَقُوله أهل التَّأْوِيل فهما سَوَاء فَإِن الْمَأْمُور لابد لَهُ من آمُر وَلذَلِك سمي مَأْمُورا كَمَا ان الْمَخْلُوق ينفى اذ انْتَفَى الْحدثَان
وَقَالَ الشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد بن عبد الله الزَّرْكَشِيّ فِي شرح (جمع الْجَوَامِع (قَالَ الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي انما خلق الله الْخلق ب (كن) فَلَو كَانَت هِيَ مخلوقة فمخلوق خلق مخلوقا قَالَ الْأَئِمَّة وَلَو كَانَ كن الأول مخلوقا فَهُوَ مَخْلُوق بِأُخْرَى وَأُخْرَى الى مَا لَا يتناهى وَهُوَ مُسْتَحِيل وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} الاعراف ٥٤ الامر الْقُرْآن ففصل بَين الْمَخْلُوق والامر وَلَو كَانَ الامر مخلوقا لم يكن لتفصيله معنى قَالَ ابْن عُيَيْنَة فرق بَين الامر والخلق فَمن جمع بَينهمَا فقد كفر وَأما ان الْقُرْآن هُوَ الامر فَلقَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة إِنَّا كُنَّا منذرين فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم أمرا من عندنَا} الدُّخان ٣ ٥ وَرُوِيَ هَذَا الاستنباط عَن احْمَد بن حَنْبَل وَمُحَمّد ابْن يحيى الذهلي وَاحْمَدْ بن سِنَان وَغَيرهم من الائمة وَذكر الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد