للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَيْسَ مَعَه شَيْء من خلقه كَمَا قَالَ مَا رَبنَا والخلق مقترنان

وَقَوله مَا رَبنَا والخلق مقترنان هَذَا إِشَارَة الى الرَّد على ابْن سينا وَأَتْبَاعه الْقَائِلين بِأَن الْعَالم مَعْلُول لعِلَّة قديمَة أزلية وَأَن الْعَالم لم يزل مَعَ الله أزلا وأبدا وَيَقُولُونَ الْعلَّة مُتَقَدّمَة على الْمَعْلُول وَإِن قارنته بِالزَّمَانِ فَيُقَال لَهُم إِن أردتم بِالْعِلَّةِ مَا هُوَ شَرط فِي وجود الْمَعْلُول لَا مبدعا لَهُ كَانَ حَقِيقَة ذَلِك أَن وَاجِب الْوُجُود لَيْسَ مبدعا للممكنات وَلَا رَبًّا لَهَا بل وجوده شَرط فِي وجودهَا وَهَذَا حَقِيقَة قَول هَؤُلَاءِ فالرب على أصلهم والعالم متلازمان كل مِنْهُمَا شَرط فِي الآخر والرب مُحْتَاج إِلَى الْعَالم كَمَا أَن الْعَالم مُحْتَاج الى الرب وهم يبالغون فِي اثبات غناهُ عَن غَيره وعَلى أصلهم فقره الى غَيره كفقر بعض الْمَخْلُوقَات وَإِن ارادوا بِالْعِلَّةِ مَا هُوَ مبدع للمعلول فَهَذَا لَا يعقل مَعَ كَون زَمَانه زمَان الْمَعْلُول لم يتَقَدَّم على الْمَعْلُول تقدما حَقِيقِيًّا وَهُوَ التَّقَدُّم الْمَعْقُول واذا شبهوا وجود الْفلك مَعَ الرب بالصوت مَعَ الْحَرَكَة والضوء مَعَ الشَّمْس كَانَ هَذَا وَنَحْوه تَشْبِيها بَاطِلا لَا يُفِيد امكان صِحَة قَوْلهم فضلا عَن إِثْبَات صِحَّته فان هَذِه الامور وأمثالها إِمَّا أَن يُقَال فِيهَا إِن الثَّانِي مَوْجُود مُتَّصِل بالاول كاجزاء الزَّمَان وَالْحَرَكَة لانه مَعَه فِي الزَّمَان وَأما أَن يُقَال الثَّانِي مَشْرُوط بالاول لَا أَن الاول مبدع للثَّانِي فَاعل لَهُ فَلَا يُمكنهُم أَن يذكرُوا وجود فَاعل لغيره مَعَ أَن زمانهما مَعًا أصلا وَعَامة الْعُقَلَاء مطبقون على أَن الْعلم بِكَوْن الشَّيْء الْمعِين مرَادا مَقْدُورًا يُوجب الْعلم بِكَوْنِهِ حَادِثا بعد أَن لم يكن بل هَذَا عِنْدهم من الامور الضَّرُورَة وَلِهَذَا كَانَ مُجَرّد تصور الْعُقَلَاء أَن الشَّيْء مَقْدُور للْفَاعِل مُرَاد لَهُ فعله بمشيئته وَقدرته يُوجب الْعلم بِأَنَّهُ حَادث بل مُجَرّد تصورهم كَون الشَّيْء مَفْعُولا أَو مخلوقا أَو مصنوعا أَو نَحْو ذَلِك من

<<  <  ج: ص:  >  >>