للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنه قَالَ لَهُ يَا أستاذ أخبرنَا عَن هَذِه الضروة الَّتِي نجدها فِي قُلُوبنَا مَا قَالَ قطّ عَارِف يَا الله الا وجد فِي قلبه ضَرُورَة تطلب الْعُلُوّ لَا يلْتَفت يمنة وَلَا يسرة أَرَادَ الشَّيْخ أَن إِقْرَار الْفطر بِأَن معبودها ومدعوها فَوق هُوَ أَمر ضَرُورِيّ عَقْلِي فطري وَأَنت دليلك فِي نفي الْعُلُوّ نَظَرِي والنطري لَا يُعَارض الضَّرُورِيّ وَذَلِكَ نَحْو مَا يجيبون بِهِ عَن هَذَا الْقَصْد الضَّرُورِيّ مثل قَوْلهم إِن السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء وَمثل معارضتهم ذَلِك بِوَضْع الساجد جَبهته على الارض وَنَحْو ذَلِك كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك النَّاظِم بقوله وَنِهَايَة الشُّبُهَات تشكيك وتخميش

وَقَوله وَإِذا الْبِدَايَة قابلتها هَذِه الشُّبُهَات أَي أَن علو الرب سُبْحَانَهُ فَوق خلقه أَمر مَعْلُوم بالفطرة والبداهة فَلَا يُعَارض بالنظريات والشبهات فَأَما قَوْلهم إِن السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء فَقَوْل بَاطِل لم يقلهُ أحد من سلف الامة وَلَا أنزل الله بِهِ من سُلْطَان وَالَّذِي صَحَّ أَن قبْلَة الدُّعَاء هِيَ قبْلَة الصَّلَاة وَقد صرح الْعلمَاء بِأَنَّهُ يسْتَحبّ للداعي أَن يسْتَقْبل الْقبْلَة وَقد اسْتقْبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَعْبَة فِي دُعَائِهِ فِي مَوَاطِن كَثِيرَة فَمن قَالَ ان للدُّعَاء قبْلَة غير قبْلَة الصَّلَاة فقد ابتدع فِي الدّين وَخَالف جمَاعَة الْمُسلمين وَأما ثَانِيًا فَلِأَن الْقبْلَة مَا يستقبله الدَّاعِي بِوَجْهِهِ كَمَا نستقبل الْكَعْبَة فِي الصَّلَاة وَمَا حاذاه الانسان بيدَيْهِ اَوْ رَأسه مثلا لَا يُسمى قبْلَة اصلا فَلَو كَانَت السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء لَكَانَ الْمَشْرُوع أَن يُوَجه الدَّاعِي وَجهه اليها وَلم يثبت ذَلِك فِي شرع أصلا وَأما النَّقْض بِوَضْع الْجَبْهَة فَمَا أفْسدهُ من نقض فَإِن وَاضع الْجَبْهَة إِنَّمَا قَصده الخضوع لمن فَوْقه بالذل لَا أَن يمِيل اليه إِذْ هُوَ تَحْتَهُ بل هَذَا لَا يخْطر بقلب ساجد وَأَيْضًا فالساجد فِي نفس السُّجُود يُصَرح بِأَن ربه هُوَ الاعلى سُبْحَانَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>