للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَافِر ٢ وَقَالَ تَعَالَى {قل نزله روح الْقُدس من رَبك بِالْحَقِّ} النَّحْل ١٠٢ وَقَالَ تَعَالَى {تَنْزِيل من حَكِيم حميد} فصلت ٤٢ قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى فِي (بَدَائِع الْفَوَائِد) فِي الْكَلَام على قَوْله تَعَالَى {تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم} غَافِر ٢ إِلَى قَوْله {الْمصير} غَافِر ٣ افْتتح الْآيَة بقوله تَعَالَى {تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم} والتنزيل يسْتَلْزم علو الْمنزل عِنْد (من) لَا تعقل الْعَرَب من لغاتها بل وَلَا غَيرهَا من الْأُمَم إِلَّا ذَلِك وَقد أخبر أَن تَنْزِيل الْكتاب مِنْهُ فَهَذَا يدل على شَيْئَيْنِ أَحدهمَا علوه تبَارك وَتَعَالَى على خلقه وَالثَّانِي أَنه هُوَ الْمُتَكَلّم بِالْكتاب الْمنزل لَا غَيره فَإِنَّهُ أخبر أَنه مِنْهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَن يكون مِنْهُ قولا كَمَا أَنه مِنْهُ تَنْزِيلا فَإِن غَيره لَو كَانَ هُوَ الْمُتَكَلّم بِهِ لَكَانَ الْكتاب من ذَلِك الْغَيْر فَإِن الْكَلَام إِنَّمَا يُضَاف إِلَى الْمُتَكَلّم بِهِ وَمثل هَذَا {وَلَكِن حق القَوْل مني} السَّجْدَة ١٣ وَمثله {نزله روح الْقُدس من رَبك بِالْحَقِّ} النَّحْل ١٠٢ وَمثله {تَنْزِيل من حَكِيم حميد} فصلت ٤٢ فَاسْتَمْسك بِحرف (من) فِي هَذِه الْمَوَاضِع فَإِنَّهُ يقطع شغب الْمُعْتَزلَة والجهمية وَتَأمل كَيفَ قَالَ تَنْزِيل مِنْهُ وَلم يقل تَنْزِيله فتضمنت الْآيَة إِثْبَات علوه وَكَلَامه وَثُبُوت الرسَالَة انْتهى الْمَقْصُود مِنْهُ

وَقَوله وَكَذَا نزُول الرب الخ يُشِير إِلَى حَدِيث النُّزُول وَهُوَ متواتر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ينزل رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى كل لَيْلَة حِين يبْقى ثلث اللَّيْل فَيَقُول من يدعوني فأستجيب لَهُ من يسألني فَأعْطِيه من يستغفرني فَأغْفِر لَهُ (أخرجه أَصْحَاب الصِّحَاح كالبخاري وَمُسلم وَأخرجه غَيرهمَا قَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ وَقد ألفت أَحَادِيث النُّزُول فِي جُزْء وَذَلِكَ متواتر أقطع بِهِ قَالَ الْحَافِظ أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي (شرح الْمُوَطَّأ (لما تكلم على حَدِيث النُّزُول قَالَ هَذَا حَدِيث ثَابت من جِهَة النَّقْل صَحِيح

<<  <  ج: ص:  >  >>