للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. فتسلط التَّأْوِيل إبِْطَال لهَذَا الْقَصْد وَهُوَ جِنَايَة من جَان

هَذَا الَّذِي قد قَالَه مَعَ نَفْيه ... لحقائق الالفاظ فِي الأذهان

وَطَرِيقَة التَّأْوِيل أَيْضا قد غَدَتْ ... مُشْتَقَّة من هَذِه الخلجان

وَكِلَاهُمَا اتفقَا على ان الْحَقِيقَة مُنْتَفٍ مضمونها بِبَيَان ... لَكِن قد اخْتلفَا فَعِنْدَ فريقكم ... مَا إِن أريدت قطّ بالتبيان ... لَكِن عِنْدهم اريد ثُبُوتهَا ... فِي الذِّهْن إِذْ عدمت من الْإِحْسَان

اذ ذَاك مصلحَة الْمُخَاطب عِنْدهم ... وَطَرِيقَة الْبُرْهَان أَمر ثَان

فكلاهما ارتكبا أَشد جِنَايَة ... جنيت على الْقُرْآن وَالْإِيمَان

جعلُوا النُّصُوص لأَجلهَا غَرضا لَهُم ... قد خرقوه بأسهم الهذيان ...

يَعْنِي النَّاظِم أَن ابْن سينا وَأَمْثَاله من الملاح الفلاسفة لما فتح المتكلمون بَاب التَّأْوِيل الَّذِي هُوَ تَحْرِيف النُّصُوص فَإِن حَقِيقَة قَول الْمُتَكَلِّمين إِن الرب لم يكن قَادِرًا وَلَا كَانَ الْكَلَام وَالْفِعْل مُمكنا لَهُ وَلم يزل كَذَلِك دَائِما مُدَّة أَو تَقْدِير مُدَّة لَا نِهَايَة لَهَا ثمَّ إِنَّه تكلم وَفعل من غير سَبَب اقْتضى ذَلِك وَجعلُوا مَفْعُوله هُوَ فعله وإرادته بعلة أزلية وَالْمَفْعُول مُتَأَخِّرًا وَجعلُوا الْقَادِر يرجح أحد مقدوريه على الآخر بِلَا مُرَجّح وكل هَذَا خلاف الْمَعْقُول الصَّرِيح وَخلاف الْكتاب وَالسّنة وأنكروا صِفَاته ورؤيته وَقَالُوا كَلَامه مَخْلُوق وَهُوَ خلاف دين الْإِسْلَام وَالَّذين اتبعُوا هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمين وأثبتوا الصِّفَات قَالُوا يُرِيد جَمِيع المرادات بِإِرَادَة وَاحِدَة وكل كَلَام تكلم بِهِ أَو يتَكَلَّم بِهِ إِنَّمَا هُوَ شئ وَاحِد لَا يَتَعَدَّد

<<  <  ج: ص:  >  >>