للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأما اسْتَوَى على كَذَا فَلَيْسَ فِي الْقُرْآن ولغة الْعَرَب الْمَعْرُوفَة إِلَّا بِمَعْنى وَاحِد قَالَ تَعَالَى {فآزره فاستغلظ فَاسْتَوَى على سوقه} الْفَتْح وَقَالَ {واستوت على الجودي} هود وَقَالَ {لتستووا على ظُهُوره ثمَّ تَذكرُوا نعْمَة ربكُم إِذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} الزخرف وَقد أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِدَابَّة ليرْكبَهَا فَلَمَّا وضع رجله فِي الغرز قَالَ بِسم الله فَلَمَّا اسْتَوَى على ظهرهَا قَالَ الْحَمد لله وَقَالَ ابْن عمر اهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَجِّ فَلَمَّا اسْتَوَى على بعيره وَهَذَا الْمَعْنى يتَضَمَّن شَيْئَيْنِ علوه على مَا اسْتَوَى عَلَيْهِ واعتداله أَيْضا فَلَا يسمون المائل على الشَّيْء مستويا عَلَيْهِ وَمِنْه حَدِيث الْخَلِيل بن احْمَد لما قَالَ اسْتَووا

وَقَوله ... قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق ... من غير سيف وَدم مهراق ...

هُوَ من هَذَا الْبَاب فان المُرَاد بِهِ بشر بن مَرْوَان واستواؤه عَلَيْهَا أَي على كرْسِي ملكهَا لم يرد بذلك مُجَرّد الِاسْتِيلَاء بل اسْتِوَاء مِنْهُ عَلَيْهَا إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ عبد الْملك الَّذِي هُوَ الْخَلِيفَة قد اسْتَوَى أَيْضا على الْعرَاق وعَلى سَائِر مملكة الاسلام ولكان عمر بن الْخطاب قد اسْتَوَى على الْعرَاق وخراسان وَالشَّام ومصر وَسَائِر مَا فَتحه ولكان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اسْتَوَى على الْيمن وَغَيرهَا مِمَّا فَتحه وَمَعْلُوم أَنه لم يُوجد فِي كَلَامهم اسْتِعْمَال الاسْتوَاء فِي شَيْء من هَذَا وَإِنَّمَا قيل فِيمَن اسْتَوَى بِنَفسِهِ على بلد فَإِنَّهُ مستو على سَرِير ملكه كَمَا يُقَال جلس فلَان على السرير وَقعد على التخت وَمِنْه قَوْله {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش وخروا لَهُ سجدا} يُوسُف وَقَوله {إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم وَأُوتِيت من كل شَيْء وَلها عرش عَظِيم}

<<  <  ج: ص:  >  >>