مقدرَة فِي الاذهان لَا وجود لَهَا فِي الاعيان وَهَؤُلَاء الَّذين جردوا الْحَقَائِق عَن قيودها وأخذوها مُطلقَة أخرجوها عَن مسمياتها وماهياتها جَمِيع الْقُيُود الْخَارِجَة فَلم يجعلوها دَاخِلَة فِي حَقِيقَتهَا فأثبتوا إنْسَانا لَا طَويلا وَلَا قَصِيرا وَلَا أسود وَلَا أَبيض وَلَا فِي زمَان وَلَا فِي مَكَان وَلَا سَاكِنا وَلَا متحركا وَلَا هُوَ فِي الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا لَهُ لحم وَلَا لَهُ عظم وَلَا عصب وَلَا ظفر وَلَا لَهُ شخص وَلَا ظلّ وَلَا يُوصف بِصفة وَلَا يتَقَيَّد بِقَيْد ثمَّ رَأَوْا الانسان الْخَارِجِي بِخِلَاف ذَلِك كُله فَقَالُوا هَذِه عوارض خَارِجَة عَن حَقِيقَته وَجعلُوا حَقِيقَته تِلْكَ الصُّورَة الخالية الَّتِي جردوها فَهِيَ الْمَعْنى لحقيقة هَؤُلَاءِ الَّذين اعتبروها مُجَرّدَة عَن سَائِر الْقُيُود وجعلهم تِلْكَ الْأُمُور الَّتِي لَا تكون إنْسَانا فِي الْخَارِج لِأَنَّهَا خَارِجَة عَن حَقِيقَته كجعل هَؤُلَاءِ الْقُيُود الَّتِي لَا يكون اللَّفْظ مُقَيّدا إِلَّا بهَا مقتضية لمجازه فَتَأمل هَذَا التشابه والتناسب بَين الْفَرِيقَيْنِ هَؤُلَاءِ فِي تَجْرِيد الْمعَانِي وَهَؤُلَاء فِي تَجْرِيد الْأَلْفَاظ وَتَأمل مَا دخل على هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء من الْفساد فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وبسبب هَذَا الْغَلَط دخل من الْفساد فِي الْعُلُوم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى وَهَذَا معنى قَول النَّاظِم فتجرد الْأَعْيَان عَن وصف الخ أَي إِن تجرد الْمعِين عَن الْوَصْف والوضع وَالْوَقْت وَالْمَكَان إِنَّمَا هُوَ شَيْء يفرضه الذِّهْن كفرض المستحيل قَوْله الله أكبركم دهي من فَاضل فاياك والإصغاء إِلَى التجريدين لِأَن الْحق أَنَّهُمَا مفروضان فِي الذِّهْن فَلَا تسلإم مَا ادَّعَاهُ المتكلمون والفلاسفة فيهمَا فيقودك الْخصم المعاند بِهَذَا الَّذِي سلمته وَتصير مَغْلُوبًا مَعَه مقهورا وَالله اع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute