للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. لَكِن يُعَاقِبهُ على أَفعاله

فِيهِ تَعَالَى الله ذُو الْإِحْسَان ... وَالظُّلم عِنْدهم الْمحَال لذاته

أَنى ينزه عَنهُ ذُو السُّلْطَان ... وَيكون مدحا ذَلِك التَّنْزِيه مَا

هَذَا بمعقول لذِي الأذهان ...

أَي وَالْعَبْد عِنْد الْجَهْمِية لَيْسَ بفاعل بل هُوَ مجبور على أَفعاله وَلذَلِك قَالَ النَّاظِم بل فعله كتحرك الرجفان أَو تحرّك الْأَشْجَار عِنْد عِنْد هبوب الرّيح وَقَوله الْمحَال لذاته وَذَلِكَ كالجمع بَين الضدين وَجعل الْجِسْم الْوَاحِد فِي مكانين وَأما الْمحَال لغيره فَهُوَ كَإِيمَانِ من علم الله تَعَالَى أَنه لَا يُؤمن وَذَلِكَ لِأَن الله تَعَالَى أنزل الْكتب وَبعث الرُّسُل بِطَلَب الْإِيمَان والاسلام من كل وَاحِد وكلفهم ذَلِك وَعلم أَن بَعضهم لَا يُؤمن وَفِي الحَدِيث الْقُدسِي حَدِيث أبي ذَر فِي (صَحِيح مُسلم (عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يروي عَن ربه قَالَ (يَا عبَادي إِنِّي حرمت الظُّلم على نَفسِي الخ (وَفِيه مَسْأَلَتَانِ إِحْدَاهمَا فِي الظُّلم الَّذِي حرمه الله تَعَالَى على نَفسه ونفاه عَن نَفسه لقَوْله {وَمَا ظلمناهم} هود ١٠١ وَقَوله {وَلَا يظلم رَبك أحدا} الْكَهْف ٤٩ وَقَوله {وَمَا أَنا بظلام للعبيد} ق ٢٩ وَقَوله {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} النِّسَاء ٤٠ فان النَّاس تنازعوا فِي معنى هَذَا الظُّلم تنَازعا صَارُوا فِيهِ بَين طرفين متباعدين ووسط بَينهمَا وَخيَار الامور أوساطها وَذَلِكَ بِسَبَب الْبَحْث ومجامعته للشَّرْع اذ الْخَوْض فِي ذَلِك بِغَيْر علم تَامّ أوجب ضلال عَامَّة الامم وَلِهَذَا نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه عَن التَّنَازُع فِيهِ فَذهب المكذبون بِالْقدرِ الْقَائِلُونَ بِأَن الله لم يخلق أَفعَال الْعباد وَلم يرد أَن يكون إِلَّا مَا أَمر بِأَن يكون وغلاتهم المكذبون بتقدم علم الله وَكِتَابَة بِمَا سَيكون من أَفعَال الْعباد من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم إِلَى أَن الظُّلم مِنْهُ هُوَ نَظِير

<<  <  ج: ص:  >  >>