الثَّالِث أَنكُمْ أَن قُلْتُمْ بِأَن من انْتَفَى عَنهُ هَذِه الْأُمُور فَهُوَ كَافِر خَال من كل ايمان كَانَ قَوْلكُم قَول الْخَوَارِج وانتم فِي طرف والخوارج فِي طرف فَكيف توافقونهم فِي هَذِه الْأُمُور وَمن هَذِه الْأُمُور إقَام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَالْحج وَالْجهَاد والإجابة الى حكم الله وَرَسُوله وَغير ذَلِك مِمَّا لَا تكفرون تَارِك وان كفرتموه كَانَ قَوْلكُم قَول الْخَوَارِج
الرَّابِع ان قَول الْقَائِل إِن انْتِفَاء بعض هَذِه الْأَعْمَال يسْتَلْزم أَن لَا يكون فِي قلب الانسان شَيْء من التَّصْدِيق بِأَن الرب حق قَول يعلم فَسَاده بالاضطرار
الْخَامِس أَن هَذَا إِذا ثَبت فِي سَائِر الْوَاجِبَات فيرتفع النزاع الْمَعْنَوِيّ وَمن حججهم الْعَقْلِيَّة أَيْضا أَن الشَّيْء الْمركب إِذا زَالَ بعض أَجْزَائِهِ لزم زَوَاله كُله وَلِهَذَا لما صنف الْفَخر الرَّازِيّ مَنَاقِب الإِمَام الشَّافِعِي ذكر قَوْله فِي الايمان وَقَول الشَّافِعِي قَول الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَقد ذكر الشَّافِعِي أَنه احماع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فاستشكل الرَّازِيّ قَول الشَّافِعِي جدا لِأَنَّهُ كَانَ قد انْعَقَد فِي نَفسه شُبْهَة أهل الْبدع فِي الايمان من الْخَوَارِج والمعتزلة والجهمية والكرامية وَسَائِر المرجئة وَهُوَ أَن الشَّيْء الْمركب إِذا زَالَ بعض أَجْزَائِهِ لزم زَوَاله كُله لَكِن هُوَ لم يذكر الا ظَاهر شبهتهم
قَالَ شيخ الاسلام رَحمَه الله وَالْجَوَاب عَمَّا ذكره هُوَ سهل فانه يسلم لَهُ ان الْهَيْئَة الاجتماعية لم تبْق مجتمعة كَمَا كَانَت لَكِن لَا يلْزم من زَوَال بَعْضهَا زَوَال سَائِر الاجزاء وَالشَّافِعِيّ مَعَ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَسَائِر السّلف يَقُولُونَ إِن الذَّنب يقْدَح فِي كَمَال الايمان وَلِهَذَا نفى الشَّارِع الايمان عَن هَؤُلَاءِ فَلذَلِك الْمَجْمُوع الَّذِي هُوَ الايمان لم يبْق مجموعا مَعَ