الْوَاجِب بِنَفسِهِ فَإِذا قَالُوا بقدم نفس لَهَا تصورات وإرادات لَا تتناهى لزم جَوَاز حوادث لَا تتناهى فَبَطل أصل قَول الْمُتَكَلِّمين الَّذِي بنوا عَلَيْهِ ٤ حُدُوث الْأَجْسَام فَكَانَ حِينَئِذٍ موافقتهم للمتكلمين بِلَا حجَّة عقلية فَعلم أَنهم جمعُوا بَين المتناقضين وَأَبُو عبد الله بن الْخَطِيب وَأَمْثَاله كَانُوا أفضل من هَؤُلَاءِ وَعرفُوا أَنه لَا يُمكن الْجمع بَين هَذَا وَهَذَا فَلم يَقُولُوا هَذَا القَوْل المتناقض وَلم يهتدوا إِلَى مَذْهَب السّلف وَالْأَئِمَّة وَإِن كَانُوا يذكرُونَ أُصُوله فِي مَوَاضِع أخر ويثبتون أَن جُمْهُور الْعُقَلَاء يلتزمونها فَلَو تفطنوا لما يقوم بِذَات الله من كَلَامه وفعاله الْمُتَعَلّق بمشيئته وَقدرته ودوام اتصافه بِصِفَات الْكَمَال خلصوا من هَذِه المحاورات وَنحن ننبه على بعض الطّرق الْعَقْلِيَّة الَّتِي يعلم بهَا حُدُوث كل مَا سوى الله تَعَالَى وَهِي أَن يُقَال لَو كَانَ فِيهَا شَيْء سوى الله قديم لَكَانَ صادرا عَن عِلّة تَامَّة مُوجبَة بذاتها مستلزمة لمعلولها سَوَاء ثَبت لَهُ مشيئه وَاخْتِيَار أَو لم يثبت فَإِن الْقَدِيم الأزلي الْمُمكن الَّذِي لَا يُوجد بِنَفسِهِ لَا يتَصَوَّر وجوده ان لم يكن لَهُ فِي الازل مُقْتَضى تَامّ يسْتَلْزم ثُبُوته وَهَذَا كَمَا أَنه مَعْلُوم بضرورة الْعقل فَلَا نزاع فِيهِ بَين الْعُقَلَاء فَلَا يَقُول أحد إِن الْقَدِيم الازلي صادر عَن مُؤثر لَا يلْزمه أَثَره وَلَا يَقُول انه صادر عَن عِلّة غير تَامَّة مستلزمة لمعلولها وَلَا يَقُول إِنَّه صادر عَن مُوجب بِذَاتِهِ لَا يقارنه مُوجبه وَمُقْتَضَاهُ وَلَا يَقُول إِنَّه صادر عَن فَاعل بِالِاخْتِيَارِ يُمكن أَن يتَأَخَّر مَفْعُوله فَإِنَّهُ إِذا أمكن تَأَخّر مَفْعُوله أمكن ان يكون ذَلِك الْقَدِيم الازلي قَدِيما أزليا فَيكون ثُبُوته فِي الازل فَإِن ثُبُوت الْمُمكن الازلي بِدُونِ مُقْتَض تَامّ مُسْتَلْزم لَهُ مُمْتَنع بضرورة الْعقل إِذْ قد علم بِصَرِيح الْعقل أَن شَيْئا من الممكنات لَا يكون حَتَّى يحصل الْمُقْتَضى التَّام المستلزم لثُبُوته وَمن نَازع فِي هَذَا من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم وَقَالَ انه لَا يَنْتَهِي الى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute