للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَحمَه الله فِي عقائده الْمَشْهُورَة والتكوين صفة لله أزلية وَهُوَ تكوينه للْعَالم وكل جُزْء من أَجْزَائِهِ وَهُوَ غير المكون عندنَا قَالَ شارحها الْمُحَقق سعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ التكوين هُوَ معنى الْمعبر عَنهُ بِالْفِعْلِ والخلق والتخليق والايجاد والاحداث والاختراع وَنَحْو ذَلِك ويفسر باخراج الْمَعْدُوم من الْعَدَم الى الْوُجُود صفة لله تَعَالَى لإطباق الْعقل وَالنَّقْل على أَنه خَالق للْعَالم مكون لَهُ وَامْتِنَاع اطلاق اسْم الْمُشْتَقّ على الشَّيْء من غير أَن يكون مَأْخَذ الِاشْتِقَاق وَصفا قَائِما بِهِ أزلية لوجوه

الأول أَن يمْتَنع قيام الْحَوَادِث بِذَاتِهِ تَعَالَى

الثَّانِي أَنه وصف ذَاته فِي كَلَامه الأزلي بِأَنَّهُ الْخَالِق فَلَو لم يكن فِي الازل خَالِقًا للَزِمَ الْكَذِب أَو الْعُدُول الى الْمجَاز أَي الْخَالِق فِيمَا يسْتَقْبل اَوْ الْقَادِر على الْخلق من غير تعذر الْحَقِيقَة على أَنه لَو جَازَ إِطْلَاق الْخَالِق عَلَيْهِ بِمَعْنى الْقَادِر لجَاز اطلاق كل مَا يقدر عَلَيْهِ من الاعراض

الثَّالِث أَنه لَو كَانَ حَادِثا فاما بتكوين آخر فَيلْزم التسلسل وَهُوَ محَال وَيلْزم مِنْهُ اسْتِحَالَة تكون مَعَ أَنه مشَاهد وَإِمَّا بِدُونِهِ فيستغني الْحَادِث عَن الْمُحدث والاحداث وَفِيه تَعْطِيل الصَّانِع

الرَّابِع أَنه لَو حدث لحَدث إِمَّا فِي ذَاته تَعَالَى فَيصير محلا للحوادث أَو فِي غَيره كَمَا ذهب اليه أَبُو الْهُذيْل من ان تكوين كل جسم قَائِم بِهِ فَيكون كل جسم خَالِقًا ومكونا لنَفسِهِ ولاخفاء فِي استحالته ومبني هَذِه الادلة أَن التكوين صفة حَقِيقِيَّة كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة قَالَ والمحققون من الْمُتَكَلِّمين على أَنه من الاضافات والاعتبارات الْعَقْلِيَّة مثل كَون الصَّانِع تَعَالَى وتقدس قبل كل شَيْء وَمَعَهُ وَبعده ومذكورا بالسنتنا ومعبودا لنا ومميتا ومحييا وَنَحْو ذَلِك قَالَ وَالْحَاصِل فِي الازل هُوَ مبدأ التخليق والترزيق والإماتة والإحياء

<<  <  ج: ص:  >  >>