للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْله والملحد الثَّانِي فذو التعطيل الخ هَذَا الحاد الطَّائِفَة الثَّانِيَة من الْمُلْحِدِينَ وَهُوَ إلحاد أهل التعطيل الَّذين عطلوا الاسماء الْحسنى من مَعَانِيهَا وجحدوا حقائقها كَقَوْل من يَقُول من الْجَهْمِية وأتباعهم إِنَّهَا أَلْفَاظ مُجَرّدَة لَا تَتَضَمَّن صِفَات وَلَا معَان فيطلقون عَلَيْهِ اسْم السَّمِيع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد وَيَقُولُونَ لَا حَيَاة لَهُ وَلَا سمع وَلَا بصر وَلَا كَلَام وَلَا إِرَادَة تقوم بِهِ وَهَذَا من أعظم الالحاد فِيهَا عقلا وَشرعا ولغة وفطرة وَهُوَ مُقَابل لإلحاد الْمُشْركين فان أُولَئِكَ أعْطوا اسماءه وَصِفَاته لآلهتهم وَهَؤُلَاء سلبوه صِفَات كَمَاله وجحدوا وعطلوها فكلاهما ملحد فِي أَسْمَائِهِ ثمَّ الْجَهْمِية وفروخهم متفاوتون فِي هَذَا الْإِلْحَاد فيهم العالي والمتوسط والمتلون وكل من جحد شَيْئا مِمَّا وصف الله بِهِ نَفسه أَو وَصفه بِهِ رَسُوله فقد ألحد فِي ذَلِك فليستقل أَو ليستكثر

قَوْله فالقصد دفع النَّص عَن معنى الْحَقِيقَة أَي ان هَذَا الْقسم من الْمُلْحِدِينَ قصدهم دفع النَّص عَن معنى الْحَقِيقَة بالتحريف والتعطيل وَالنَّفْي وَقذف المثبتة ونبزهم بالتجسيم ورميهم بالْكفْر وَيَقُولُونَ إِذا احتجت المثبتة عَلَيْك بالنصوص القرأنية وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة فادفعها بضروب من الدّفع مثل دَعْوَى أَنَّهَا مجَاز فاذا غلبت على الْمجَاز فَقل هِيَ أَدِلَّة لفظية لَا تفِيد الْعلم وَالْيَقِين فاذا تكاثرت الْأَدِلَّة وتضافرت فَعَلَيْك بالقوانين الْمَوْضُوعَة لدفع أَدِلَّة الْقُرْآن وَلكُل نَص لَا يقبل التَّأْوِيل وَقل عَارض الْمَنْقُول مَعْقُول واذا تعَارض الْعقل وَالنَّقْل فَمَا ثمَّ إِلَّا وَاحِد من أَربع إِمَّا أَن نعملها وَإِمَّا أَن نهملها وَإِمَّا ان نعمل النَّقْل ونلغي الْعقل وَهُوَ غير مُمكن لِأَن الْعقل أصل النَّقْل وَالنَّقْل فَرعه فان أبطلناها أبطلنا النَّقْل لأَنا صدقنا النَّقْل بِهِ فأعماله إِلَى الغائه فَتعين الإعمال للمعقول وإلغاء

<<  <  ج: ص:  >  >>