للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا اعز من لَا يعادي من انكره وَالَّذِي فِي قُلُوب هَؤُلَاءِ الْمُشْركين وسلفهم أَن آلِهَتهم تشفع لَهُم عِنْد الله وَهَذَا عين الشّرك وَقد أنكر الله عَلَيْهِم ذَلِك فِي كِتَابه وأبطله وَاخْبَرْ أَن الشَّفَاعَة كلهَا لَهُ وَأَنه لَا يشفع عِنْده اُحْدُ الا لمن أذن الله أَن يشفع فِيهِ وَرَضي قَوْله وَعَمله وهم أهل التَّوْحِيد الَّذين لم يتخذوا من دون الله شُفَعَاء فَإِنَّهُ يَأْذَن سُبْحَانَهُ لمن يَشَاء فِي الشَّفَاعَة لَهُم حَيْثُ لم يتخذوا شُفَعَاء من دونه فَيكون أسعد النَّاس بشفاعة من يَأْذَن لَهُ صَاحب التَّوْحِيد الَّذِي لم يتَّخذ شَفِيعًا من دون الله

والشفاعة الَّتِي أثبتها الله وَرَسُوله الشَّفَاعَة الصادرة عَن اذنه لمن وَحده والشفاعة الَّتِي نفاها الله الشَّفَاعَة الشركية فِي قُلُوب الْمُشْركين المتخذين من دون الله شُفَعَاء فيعاملون بنقيض قصدهم من شفاعتهم ويفوز بهَا الموحدون فَتَأمل قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي هُرَيْرَة وَقد سَأَلَهُ من أسعد النَّاس بشفاعتك يَا رَسُول الله قَالَ أسعد النَّاس بشفاعتي من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله كَيفَ جعل اعظم الاسباب الَّتِي تنَال بهَا شَفَاعَته تَجْرِيد التَّوْحِيد عكس مَا عِنْد الْمُشْركين أَن الشَّفَاعَة تنَال باتخاذهم شُفَعَاء وعبادتهم وموالاتهم من دون الله فَقلب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فِي زعمهم الْكَاذِب وَأخْبر ان سَبَب الشَّفَاعَة تَجْرِيد التَّوْحِيد فَحِينَئِذٍ يَأْذَن الله للشافع أَن يشفع وَمن جهل الْمُشرك اعْتِقَاده أَن من اتخذ وليا أَو شَفِيعًا أَنه يشفع لَهُ وينفعه عِنْد الله كَمَا يكون خَواص الْمُلُوك والولاة تَنْفَع من والاهم وَلم يعلمُوا ان الله لَا يشفع عِنْده اُحْدُ فِي الشَّفَاعَة الا بِإِذْنِهِ وَلَا يَأْذَن فِي الشَّفَاعَة الا لمن رَضِي قَوْله وَعَمله كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْفَصْل الأول {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} الْبَقَرَة وَفِي الْفَصْل الثَّانِي {وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى} الْأَنْبِيَاء وَبَقِي فصل ثَالِث وَهُوَ أَنه لَا يرضى من القَوْل وَالْعَمَل إِلَّا التَّوْحِيد وَاتِّبَاع الرَّسُول وَعَن هَاتين الْكَلِمَتَيْنِ يسْأَل الألون وَالْآخرُونَ كَمَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة كلمتان يسْأَل عَنْهُمَا الاولون وَالْآخرُونَ مَاذَا كُنْتُم تَعْبدُونَ وماذا أجبتم الْمُرْسلين فَهَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>