هُنَاكَ جِهَة الشرق والغرب لَكَانَ ذكر الظّرْف لَغوا وَذَلِكَ لِأَن ثمَّ إِشَارَة الى الْمَكَان الْبعيد فَلَا يشار بهَا الى قريب والجهة والوجهة مِمَّا يحاذيك الى آخرهَا فجهة الشرق والغرب ووجهة الْقبْلَة مِمَّا يتَّصل الى حَيْثُ يَنْتَهِي فَكيف يُقَال فِيهَا ثمَّ اشارة الى الْبعيد بِخِلَاف الاشارة الى وَجه الرب تبَارك وَتَعَالَى فَإِنَّهُ يشار الى ذَاته وَلِهَذَا قَالَ غير وَاحِد من السّلف فثم الله تَحْقِيقا لَان المُرَاد وَجهه الَّذِي هُوَ من صِفَات ذَاته والاشارة اليه بِأَنَّهُ ثمَّ كاشارة اليه بِأَنَّهُ فَوق سمواته وعَلى الْعَرْش وَفَوق الْعَالم
وَمِنْهَا أَن تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ هُوَ أولى التفاسير مَا وجد اليه السَّبِيل وَلِهَذَا كَانَ يعتمده الصَّحَابَة والتابعون وَالْأَئِمَّة بعدهمْ وَالله تَعَالَى ذكر فِي الْقُرْآن الْقبْلَة باسم الْقبْلَة وَالْوُجُوه وَذكر وَجهه الْكَرِيم باسم الْوَجْه الْمُضَاف اليه فتفسيره فِي هَذِه الْآيَة بنظائره هُوَ الْمُتَعَيّن
وَمِنْهَا أَنَّك إِذا تَأَمَّلت الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَجدتهَا مفسرة لِلْآيَةِ مُشْتَقَّة مِنْهَا كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذا قَامَ احدكم الى الصَّلَاة فانما يسْتَقْبل ربه وَقَوله فان الله يقبل اليه بِوَجْهِهِ عَنهُ وَقَوله اذا قَامَ أحدكُم الى الصَّلَاة فَلَا يبصقن قبل وَجهه وَقَوله فان الله بَينه وَبَين الْقبْلَة وَقَوله ان الله يَأْمُركُمْ بِالصَّلَاةِ فاذا صليتم فَلَا تلتفتوا فان الله ينصب وَجهه لوجه عَبده فِي صلَاته مَا لم يلْتَفت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ ان العَبْد اذا تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ قَالَ الى الصَّلَاة أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَلَا ينْصَرف عَنهُ حَتَّى ينْصَرف أَو يحدث حدث سوء وَقَالَ جَابر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ العَبْد يُصَلِّي أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فاذا الْتفت أعرض الله عَنهُ وَقَالَ يَا ابْن آدم انا خير مِمَّن تلْتَفت