للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثر الِاجْتِمَاع فِيهِ بتزايد اجزائه قيل أجسم وَرجل جسيم فَدلَّ ذَلِك على أَن قَوْلهم جسم يُفِيد التَّأْلِيف فَهَذَا أصل قَول هَؤُلَاءِ النفاة وَهُوَ مَبْنِيّ على أصلين سَمْعِي لغَوِيّ ونظري عَقْلِي فطري أما السمعي اللّغَوِيّ فَقَوْلهم أَن أهل اللُّغَة يطلقون لفظ الْجِسْم على الْمركب وهم استدلوا عَلَيْهِ بقَوْلهمْ هُوَ أجسم إِذا كَانَ أغْلظ وَأكْثر ذَهَابًا فِي الْجِهَات وَإِن هَذَا يَقْتَضِي أَنهم اعتبروا كَثْرَة الْأَجْزَاء فَيُقَال اما الْمُقدمَة الأولى هُوَ ان اهل اللُّغَة يسمون كل مَا لَهُ مِقْدَار بِحَيْثُ يكون أكبر من غَيره أَو أَصْغَر جسما فَهَذَا لَا يُوجد فِي لُغَة الْعَرَب الْبَتَّةَ وَلَا يُمكن أحدا ان ينْقل عَنْهُم انهم يسمون الْهَوَاء الَّذِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض جسما وَلَا يسمون روح الانسان جسما بل من الْمَشْهُور أَنهم يفرقون بَين الْجِسْم وَالروح وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {وَإِذا رَأَيْتهمْ تعجبك أجسامهم} المُنَافِقُونَ ٤ يَعْنِي أبدانهم دون أَرْوَاحهم الْبَاطِنَة وَقد ذكر نَقله اللُّغَة ان الْجِسْم عِنْدهم هُوَ الْجَسَد وَمن الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة أَن هَذَا اللَّفْظ يتَضَمَّن الْغَلَط والكثافة فَلَا يسمون بِهِ الْأَشْيَاء الْقَائِمَة بِنَفسِهَا اذا كَانَت لَطِيفَة كالهواء وروح الانسان وان كَانَ لذَلِك مِقْدَار يكون بعضه أكبر من بعض لَكِن لَا يُسمى فِي اللُّغَة ذَلِك جسما وَلَا يَقُولُونَ هَذَا الْمَكَان الْوَاسِع أجسم من هَذَا الْمَكَان الضّيق وَإِن كَانَ أكبر مِنْهُ وَإِن كَانَت أجزاؤه زَائِدَة على أَجْزَائِهِ عِنْد من يَقُول بِأَنَّهُ مركب من الْأَجْزَاء لَيْسَ كل مَا هُوَ مركب عِنْدهم من الْأَجْزَاء يُسمى جسما وَلَا يُوجد فِي الْكَلَام قبض جِسْمه وَلَا صعد بجسمه الى السَّمَاء وَلَا أَن الله يقبض أجسامنا كَيفَ يَشَاء إِنَّمَا يسمون ذَلِك روحا وَيفرق بَين مُسَمّى الرّوح ومسمى الْجِسْم كَمَا يفرق بَين الْبدن وَالروح وكما يفرقون بَين الْجَسَد وَالروح فَلَا يطلقون لفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>