للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثبتوا الْجَوْهَر الْفَرد وَزَعَمُوا انا لم نعلم لَا بالحس وَلَا بِالضَّرُورَةِ ان الله أبدع شَيْئا قَائِما بِنَفسِهِ وان جَمِيع مَا نشهده مخلوقا من السَّحَاب والمطر وَالْحَيَوَان والنبات والمعدن بني آدم وَغير بني آدم فانما فِيهِ أَنه أحدث أكوانا فِي الْجَوَاهِر المنفردة كالجمع والتفريق وَالْحَرَكَة والسكون وَأنكر هَؤُلَاءِ أَن يكون الله لما خلقنَا احدث أبدانا قَائِمَة بأنفسها أَو شَجرا اَوْ ثمرا اَوْ شَيْئا قَائِما بِنَفسِهِ وانما احدث عِنْدهم اعراضا واما الْجَوَاهِر المنفردة فَلم تزل مَوْجُودَة ثمَّ من يَقُول إِنَّهَا محدثة مِنْهُم من يَقُول إِنَّهَا محدثة وَمِنْهُم من يَقُول إِنَّهُم علمُوا حدوثها بِأَنَّهَا لم تخل من الْحَوَادِث وَمَا لم يخل من الْحَوَادِث فَهُوَ حَادث الى ان قَالَ وَلِهَذَا صَارَت النفاة اذا اثْبتْ اُحْدُ شَيْئا من الصِّفَات كَانَ ذَلِك مستلزما لِأَن يكون الْمَوْصُوف عِنْدهم جسما وَعِنْدهم الْأَجْسَام متماثلة فصاروا يسمونه مشبها بِهَذِهِ الْمُقدمَات الَّتِي يلْزمهُم مثل مَا ألزموه لغَيرهم وَهِي متناقضة لَا يتَصَوَّر أَن يَنْتَظِم مِنْهَا قَول صَحِيح وَكلهَا مُقَدمَات مَمْنُوعَة عِنْد جَمَاهِير الْعُقَلَاء وفيهَا من تَغْيِير اللُّغَة والمعقول مَا دخل بِسَبَبِهِ هَذِه الأغاليط والشبهات حَتَّى يبْقى الرجل حائرا لَا يهون عَلَيْهِ إبِْطَال عقله وَدينه وَالْخُرُوج عَن الايمان وَالْقُرْآن فان ذَلِك كُله متطابق على إِثْبَات الصِّفَات وَلَا يهون عَلَيْهِ الْتِزَام مَا يلزمونه من كَون الرب مركبا من الْأَجْزَاء أَو مماثلا للمخلوقات فانه يعلم أَيْضا بطلَان هَذَا وَأَن الرب عز وَجل يجب تنزيهه عَن هَذَا فانه سُبْحَانَهُ احْمَد صَمد والأحد يَنْفِي التَّمْثِيل والصمد يَنْفِي أَن يكون قَابلا للتفريق والتجسيم والبعضية سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فضلا عَن كَونه مؤلفا مركبا ألف من الْأَجْزَاء فيفهمون من يخاطبونه أَن مَا وصف بِهِ الرب نَفسه لَا يعقل الا فِي بدن مثل بدن الانسان بل وَقد يصرحون بذلك وَيَقُولُونَ الْكَلَام لَا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>