من الْبدع الْمُخَالفَة للسّنة والاجماع وَبِهَذَا يظْهر ضعف حجَّة ابي مُحَمَّد الْمَقْدِسِي فان زِيَارَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمَسْجِد قبَاء لم تكن بشد رَحل وَهُوَ يسلم لَهُم ان السّفر اليه لَا يجب بِالنذرِ
وَقَوله إِن قَوْله لَا تشد الرّحال مَحْمُول على نفي الِاسْتِحْبَاب يُجَاب عَنهُ من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن هَذَا تَسْلِيم مِنْهُ ان هَذَا السّفر لَيْسَ بِعَمَل صَالح وَلَا قربَة وَطَاعَة فقد خَالف الاجماع واذا سَافر لاعتقاد أَنَّهَا طَاعَة فَذَلِك محرم باجماع الْمُسلمين فَصَارَ التَّحْرِيم من جِهَة اتِّخَاذه قربَة وَمَعْلُوم ان احدا لَا يُسَافر اليها الا لذَلِك وَأما اذا قدر أَن شدّ الرحل اليها لغَرَض مُبَاح فَهَذَا جَائِز وَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب
الْوَجْه الثَّانِي أَن الحَدِيث يَقْتَضِي النَّهْي وَالنَّهْي يَقْتَضِي التَّحْرِيم وَمَا ذَكرُوهُ من الْأَحَادِيث فِي زِيَارَة قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكلهَا ضَعِيفَة بِاتِّفَاق أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ بل هِيَ مَوْضُوعَة لم يرو أحد من أهل السّنَن الْمُعْتَمدَة شَيْئا مِنْهَا وَلم يحْتَج اُحْدُ من الائمة مِنْهَا بِشَيْء بل مَالك إِمَام أهل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة الَّذين هم أعلم النَّاس بِحكم هَذِه الْمَسْأَلَة كره أَن يَقُول الرجل زرت قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو كَانَ هَذَا اللَّفْظ مَعْرُوفا عِنْدهم مَشْرُوعا أَو مأثورا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكرههُ عَالم الْمَدِينَة وَالْإِمَام احْمَد رَضِي الله عَنهُ أعلم النَّاس فِي زَمَانه بِالسنةِ لما سُئِلَ عَن ذَلِك لم يكن عِنْده مَا يعْتَمد عَلَيْهِ فِي ذَلِك إِلَّا حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ مَا من رجل يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ روحي حَتَّى أرد عَلَيْهِ السَّلَام وعَلى هَذَا اعْتمد أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَكَذَلِكَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ روى عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ إِذا دخل الْمَسْجِد قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله السَّلَام عَلَيْك يَا أَبَا بكر السَّلَام عَلَيْك