زعم أَن تَأْوِيل الاسْتوَاء بقَوْلهمْ اقبل على خلق السَّمَاء هُوَ الْمَعْرُوف فِي لُغَة الْعَرَب وَلَيْسَ كَذَلِك واذا كَانَ الْعَرْش مخلوقا قبل خلق السَّمَاوَات والارض فَكيف يكون استواؤه عمده الى خلقه لَهُ لَو كَانَ هَذَا يعرف فِي اللُّغَة ان الاسْتوَاء على كَذَا بِمَعْنى أَنه عمد الى فعله وَهَذَا لَا يعرف قطّ فِي اللُّغَة لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا لَا فِي نظم وَلَا نثر وَمن قَالَ اسْتَوَى بِمَعْنى عمد ذكره فِي قَوْله {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان} فصلت لِأَنَّهُ عدى بِحرف الْغَايَة كَمَا يُقَال عَمَدت الى كَذَا وَلَا قصدت عَلَيْهِ مَعَ ان مَا ذكر فِي تِلْكَ الْآيَة لَا يعرف فِي اللُّغَة أَيْضا وَلَا هُوَ قَول اُحْدُ من مفسري السّلف بل الْمُفَسِّرُونَ من السّلف قَوْلهم بِخِلَاف ذَلِك وانما هَذَا القَوْل وَأَمْثَاله ابتدع فِي الاسلام لما ظهر إِنْكَار أَفعَال الرب الَّتِي تقوم بِهِ ويفعلها بمشيئتة وَقدرته واختياره فَحِينَئِذٍ صَار يُفَسر الْقُرْآن من يفسره بِمَا يُنَافِي ذَلِك كَمَا يُفَسر سَائِر اهل الْبدع الْقُرْآن على مَا يُوَافق أقاويلهم وَأما أَن ينْقل هَذَا التَّفْسِير عَن اُحْدُ من السّلف فَلَا بل أَقْوَال السّلف الثَّانِيَة عَنْهُم متفقة فِي هَذَا الْبَاب لَا يعرف لَهُم فِيهِ قَولَانِ كَمَا قد يَخْتَلِفُونَ أَحْيَانًا فِي بعض الْآيَات وان اخْتلفت عباراتهم فمقصودهم وَاحِد وَهُوَ اثبات علو الله على الْعَرْش ثمَّ قَالَ النَّاظِم على سَبِيل التهكم يهنيه تَكْذِيب الرَّسُول لَهُ واجماع الهداة ومحكم الْفرْقَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute