الَّذِي فَوق السَّمَاوَات فلولا أَن الله على الْعَرْش لم يرفعوا أَيْديهم نَحْو الْعَرْش كَمَا لَا يحطونها إِذا دعوا إِلَى الأَرْض ثمَّ ذكر رَحمَه الله فصلا رد فِيهِ على من تَأَول الاسْتوَاء بِالِاسْتِيلَاءِ من الْجَهْمِية والمعتزلة أبلغ رد وَاسْتدلَّ على ذَلِك بأدلة من الْكتاب وَالسّنة والاجماع وَالْعقل وَقد تقدم ذَلِك وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ من كَلَام أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ هُوَ مَضْمُون مَا ذكره النَّاظِم عَنهُ
قلت وَمن الْعجب أَن المنتمين إِلَى الامام أبي الْحسن الاشعري مَعَ شدَّة تعظيمهم لَهُ قد خالفوه فِي أَكثر مَا ذهب إِلَيْهِ وَخَالف فِيهِ الْمُعْتَزلَة فانه فِي بدايته وَأول أمره كَانَ مُعْتَزِلا ودرس الْكَلَام على أبي عَليّ الجبائي أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ لما بَين الله لَهُ الْحق رَجَعَ عَن الاعتزال ونابذ الْمُعْتَزلَة ورد عَلَيْهِم أبلغ الرَّد وَصَارَ متكلما للسّنة بل هُوَ كَمَا قيل فِيهِ إِنَّه حجز الْمُعْتَزلَة فِي قمع السمسمة ثمَّ قد خالفوه فِي أَكثر مَا رَجَعَ عَنهُ وَرَجَعُوا إِلَى مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فتأولوا الاسْتوَاء بِالِاسْتِيلَاءِ وَالْيَد بِالنعْمَةِ أَو الْقُدْرَة وَالنُّزُول بنزول الْأَمر وَالْمَلَائِكَة والمجيء بمجيء الْأَمر وَالْمَلَائِكَة والرضى بالاثابة وَالْغَضَب بالانتقام وَالرَّحْمَة بالانعام أَو ارادة الانعام بل لَعَلَّهُم زادوا على الْمُعْتَزلَة فِي التأويلات الْبَاطِلَة والتمحلات العاطلة فنعوذ بِاللَّه من مُوجبَات غَضَبه