قال هذا بعد أن ذكر القول الأول في تفسيرها، وهو أن معنى {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦)} أي جبريل -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ذو خلقةٍ سليمة من الآفات والعاهات، سَويَّة صحيحة. اهـ وضعّف ابن كثير قول ابن جرير الثاني فقال في تفسيره (٤/ ٢٤٧): وقد قال ابن جرير ههنا قولا لم أره لغيره، ولا حكاه هو عن أحد، وحاصله أنه ذهب إلى أن المعنى فاستوى أي هذا الشديد القوي ذو المرة هو ومحمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالأفق الأعلى، أي استويا جميعًا بالأفق الأعلى وذلك ليلة الإسراء، كذا قال، ولم يوافقه أحد على ذلك ثم شرع يوجه ما قاله من حيث العربية فقال: وهو كقوله {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا} فعطف الآباء على المكنى في "كُنا" من غير إظهار "نحن" فكذلك قوله {فاستوى وهو} قال: وذكر الفراء عن بعض العرب أنشده: ألم تر أن النبع يصلب عوده … ولا يستوى والخروع المتقصف ثم قال ابن كثير: وهذا الذي قاله من جهة العربية متجه، ولكن لا يساعده المعنى على ذلك، فإن هذه الرؤية لجبريل لم تكن ليلة الإسراء بل قبلها ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الأرض فهبط عليه جبريل -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وتدلى إليه فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمئة جناح، ثم رآه بعد ذلك نزلة أخرى عند سدرة المنتهى يعني ليلة الإسراء. اهـ واختار هذا التفسير ابن القيم كما في "التفسير القيم" (ص ٤٥٣). وما نقله ابن جرير هو قول الفراء في "معاني القرآن" (٣/ ٩٥)، واختاره أيضًا البغوي في تفسيره المطبوع بهامش الخازن (٦/ ٢٥٦). =