للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويفارق هذا ما تقدمه من إثبات اليمين في الخبر الذي قبله، وأنَّ ذلك صفةٌ ذات، لأنّه لا يستحيل إضافتها إليه، لأنها غير مستحيلة عليه، لأن إضافة اليمين إليه كإضافة اليد إليه، وذلك جائز، ومثل هذا غير موجود ها هنا.

يبين صحة هذا من كلام أحمد أن فسَّر قوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: ٣]، قال معناه: هُو إله من في السماوات وإله من في الأرض، وهو على العرش. فلم يحمل قوله {وَفِي الْأَرْضِ} على ظاهره بل تأوله وبين أنه على العرش، فوجب أيضًا أن يمتنع من إطلاق صفة ذات في الأرض، تلمس في جهةٍ من الجهات.

وقد قيل في تأويله أوجه أحدها: أن هذا على طريق المَثَل، وأصله أنَّ الملك كان إذا صافح رجلًا قبَّل الرجلُ يده، فكأن الحجر لله سبحانه بمنزلة اليمين للملك يُسْتَلَم ويُلْثَم (١). وقد رُوي في الخبر "أن الله عزّ وجلّ حين أخذ الميثاق من بني آدم، وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى، جعل ذلك في الحجر الأسود، ولذلك يقال: إيمانًا بك ووفاءً بعهدك" (٢).


= والصواب أن يستعاض عن هذا الاسم بما جاء في قوله تعالى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: ٣]. وبما جاء في قول رسوله -صلى الله عليه وسلم-: " … اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء … " رواه مسلم (٤/ ٢٠٨٤).
واتباع ما جاءت به الشريعة أولى من اتباع ألفاظ أهل الكلام. وقال العلامة الألباني رحمه الله في تعليقه على الطحاوية: لكن أفاد الشيخ ابن مانع هنا فيما نقله عن ابن القيم في "البدائع" أنه يجوز وصفه سبحانه بالقدم بمعنى أنه يخبر عنه بذلك، وباب الأخبار أوسع من باب الصفات التوقيفية.
قلت: (أي الألباني): ولعل هذا هو وجه استعمال شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الوصف في بعض الأحيان.
(١) قاله ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" (ص ١٤٥).
(٢) لعله يشير إلى ما أخرجه الحاكم (١/ ٤٥٧) عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد =

<<  <   >  >>