للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قيل فيه وجهٌ آخر: وهو أنه يُحتمل أن يكون معنى قوله "الحجر يمين الله في أرضه" إنما أضافه إليه على طريق التعظيم للحَجَر، وهو فعلٌ من أفعال الله تعالى سمَّاه يمينًا فنسبه إلى نفسه، وأمر الناس باستلامه ومصافحته، ليظهر طاعتهم بالايتمار وتقربهم إلى الله سبحانه، فيحصل لهم بذلك البركة والسعادة.

وقيل فيه وجه آخر: وهو أنَّ معنى قوله "يمين الله" أمان الله، لأن الحجر من جملة البيت وقد قال سبحانه {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] ولا بأس بهذه الوجوه للمعنى الذي ذكرنا، من امتناع إضافة ذلك إلى الله سبحانه.

ويبين صحة هذا: ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الحجر الأسود من ياقوت الجنة وإنما سَوَّدته خطايا بني آدم" (١).


= الخدري -رضي الله عنه-: حججنا مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك، فقال له علي بن أبي طالب: بلى يا أمير المؤمنين! إنه يضر وينفع، قال: بم؟ قال: بكتاب الله تبارك وتعالى، قال: وأين ذلك من كتاب الله؟ قال: قال الله عز وجل {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، خلق الله آدم ومسح على ظهره فقرره بأنه الرب وأنهم العبيد، وأخذ عهودهم ومواثيقهم وكتب ذلك في رق، وكان لهذا الحجر عينان ولسان، فقال له: افتح فاك قال: ففتح فاه فألقمه ذلك الرق، وقال: أشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق، يشهد لمن يستلمه بالتوحيد"، فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع، فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن. قال الحاكم: ليس من شرط الشيخين، فإنهما لم يحتجا بأبي هارون عمارة بن جوين العبدي. وقال الذهبي بعده: أبو هارون ساقط. وقال في الميزان: قال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: ضعيف لا يصدق في حديثه، وقال النسائي: متروك.
وقد صح منه قول عمر -رضي الله عنه- أني لأعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، كما سيأتي.
(١) إسناده ضعيف، أخرجه ابن خزيمة (٤/ ٢٢٠) عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الحجر الأسود ياقوته بيضاء من ياقوت الجنة، وإنما سوَّدته خطايا المشركين، يُبعث يوم القيامة مثل =

<<  <   >  >>