للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: المراد به الثواب، رُوي بذلك عن ابن زيد وغيره (١).

وإنما حمل القدم هناك على السابق من الرسول والثواب، لأن في ظاهر اللفظ ما دلَّ عليه، وهو قول سبحانه {قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} [يونس: ٢] وإنما قالوا ذلك في الرسول وكذلك قوله تعالى {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٢٣] إنما يبشرون بما سبق لهم من الأعمال، فهناك ما دلَّ على أن المراد بالقدم السابقة، وليس في الخبر ما يدلَّ على ذلك، بل فيه ما يدل على خلاف ذلك من الوجه الذي ذكرنا.

فإن قيل: فقد رُوي بكسر القاف: قِدمه، وإذا كان كذلك كان معناه ما ذكرنا من التقدم من المشركين.

قيل: هذا غلطٌ، لأنَّه لا يُحفظ عن أحدٍ من أصحاب الحديث أنَّه رواه


= إسحاق هو ابن الحجاج الطاحوني، أورده ابن أبي حاتم (٢/ ٢١٧) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا، وشيخ ابن جرير: المثنى وهو ابن إبراهيم الآملي لم أجد له ترجمة.
(١) أخرجه ابن جرير (١١/ ٥٩) حدثني يونس أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ}، قال: القدم الصدق: ثواب الصدق بما قدموا من الأعمال. وابن زيد هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال أبو زرعة: ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، كان في نفسه صالحًا وفي الحديث واهيًا.
قلت: وضَعْفُه في الحديث لا يمنع من الأخذ بتفسيره، فإنه كان صالحًا في نفسه كما قال أبو حاتم. وأخرجه ابن جرير (١١/ ٥٩) من قول ابن عباس وسنده تالف. وأخرجه عن مجاهد من وجوه فيها ضعف وانقطاع، تتحسن بمجموعها. وأخرجه من طريقين عن الربيع ابن أنس، وفيهما أبو جعفر الرازي، سيء الحفظ.
ثم قال أبو جعفر رحمه الله: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال معناه: أن لهم أعمالًا صالحة عند الله يستوجبون بها منه الثواب، وذلك أنه محكي عن العرب: هؤلاء أهل القدم في الإسلام، أي: هؤلاء الذين قدموا خيرًا فكان لهم فيه تقديم، ويقال: له عندي قَدَم صدق وقَدَم سوء، وذلك ما قدم إليه من خير أو شر، ومنه قول حسان بن ثابت -رضي الله عنه-.
لنا القَدَمُ العُليا إليك وخلفنا … لأولنا في طاعةِ الله تابعٌ

<<  <   >  >>