للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل: هذا غلطٌ، لأنَّ في الخبر أنَّه قال: "اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبّار جل اسمه" وهذه الصفة لا يستحقها أحدٌ من الجبابرة غير الله عز وجل بل غيره يستحق الذم والمقت (١) ولأنَّه ذكر الجبار بالألف واللام، والألف واللام يَدْخُلان للعهد أو للجنس، وليس يمكن حمله على الجنس، لأنه يقتضي كل جبار وليس ها هنا معهود من الخلق يُشار إليه، فلم يبق إلا أن يُحمل عليه سبحانه، لأنَّه أعرف المعارف.

وأما قولهم: إنه يُفضي إلى أن نصفه بالطول، فليس كذلك لأنَّا نثبت قوله وخلق آدم بيده" ولم يُوجب ذلك إثبات صفة في اليد تُقضي إلى الحدِّ على ما نعقله في الشاهد، كذلك ها هنا، ونُثبت استواءً على العرش، ولى يوجب ذلك تحديده لأجل أنَّ العرش محدود.


= بذراع الملك، يريدون بالذراع الأكبر، وأحسن ملكًا من ملوك العجم كان تام الذراع. اهـ.
وقال ابن حبان عقب الحديث السابق: إن الجبار ملك باليمن يقال له الجبار (له ذراع معروف المقدار) (وانظر الترغيب ٤/ ٤٨٤) وقال المنذري: وقيل ملك بالعجم.
وقال الحاكم: قال الشيخ أبو بكر -رضي الله عنه- معنى قوله "بذراع الجبار" أي: جبار من جبابرة الآدميين، ممن كان في القرون الأولى، ممن كان أعظم خلقًا وأطول أعضاء وذراعًا من الناس. وأبو بكر هو شيخ الحاكم أحمد بن إسحاق بن أيوب النيسابوري المعروف بالصَّبْغي الإمام العلامة المفتي المحدث له كتاب في "الأسماء والصفات"، وترجمته في العبر (٢/ ٢٥٨ - ٢٥٩) والسير (١٥/ ٤٨٣ - ٤٨٩) وغيرهما.
وقال البيهقي في الأسماء (ص ٣٤٢): قال بعض أهل النظر: في قوله "بذراع الجبار" إن الجبار ههنا لم يعن القديم، وإنما عُني به رجلًا جبارًا كان يوصف بطول الذراع وعظم الجسم، ألا ترى إلى قوله {كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} وقوله {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} وقوله "بذراع الجبار" أي: بذراع ذلك الجبار الموصوف بطول الذراع وعظم الجسد، ويحتمل أن يكون ذلك ذراعًا طويلًا يُذرع به يُعرف بـ "ذراع الجبار"، على معنى التعظيم والتهويل، لا أن له ذراعًا كذراع الأيدي المخلوقة. اهـ
(١) في الأصل: المعصية، وصوّبت في الهامش بـ "المقتة" ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <   >  >>