للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} (١)] فقد نقل عن السلف ما وجب الرجوع إليه أما قوله {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١]، فإنها نزلت على سبب، وذلك أنهم قتلوا رجلين بغير أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فنزلت الآية (٢)، فكان معناها لا تقدموا حدا ضربه الله على فريضة، ولا تتقدموا على حد ضربه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته.

وأما قوله {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} أي لا تكذبه الكتب التي قبله التوراة والإنجيل والزبور، ولا ينزل كتاب من بعده يكذبه (٣)، فوجب الرجوع.

إلى تفسير السلف في ذلك، ولم يرد عنهم مثل ذلك في خبر داود مع ذكرهم له في التفاسير، بل حملوه على ظاهره.

فإن قيل: يحمله قوله "يضع يده على فخذه" معناه فخذ بعض خلق أُمَر بالدُّنو منه.

قيل: قوله "حتى يضع يده على فخذه" هاء كناية، وهاء الكناية تعود إلى المذكور، والذي تقدم ذكره اسم الله تعالى.


(١) استدرك الناسخ هذه الفقرة في الهامش وكأن في الكلام نقصًا.
(٢) لم أقف على هذا السبب.
والمشهور أنها نزلت في اختلاف أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، والحديث في الصحيحين وغيرهما.
(٣) نقله القرطبي (١٥/ ٣٦٧) عن الكلبي. وقال قتادة والسدي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ} يعني الشيطان {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} لا يستطيع أن يغير ولا يزيد ولا ينقص.
وقال سعيد بن جبير: لا يأتيه التكذيب من بين يديه ولا من خلفه.
وقال ابن جريج: (لا يأتيه الباطل) فيما أخبر عما مضى ولا فيما أخبر عما يكون. وعن ابن عباس: (من بين يديه) من الله تعالى (ولا من خلفه) يريد من جبريل -صلى الله عليه وسلم- ولا من محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقال ابن كثير (٤/ ١٠٢): ليس للبطلان إليه سبيل لأنه منزل من رب العالمين.

<<  <   >  >>